زيادة العلم بالله والنعم تستدعي زيادة الشكر والإيمان

0 313

السؤال

أريد أن أسال إذا من الله علي بشيء فيه حق اليقين بالإيمان بالله تعالى بمعنى أن الله أعطاني أشياء غير عادية لا أريد ذكرها فهل أنا أحاسب أكثر من أي عبد آخر وما أقصدة مثلا الله أعطى الأمم السابقة براهين مادية على وجوده حتى يؤمنوا ولكنهم أبوا واستكبروا فعذبهم الله في الدنيا والآخرة فهل لو عصيت الله عز وجل فأنا مثل هذه الأقوام يعطيني الله أشياء مادية ومع ذلك أعصي فحسابي عسير كذلك ما أقصده هو أن فضيلتك في فتوى سابقة قلت إن الأشياء الغيبية مثل عذاب القبر لا نطلع عليه وإلا فلم التكليف.. فهل أنا بما أعطاني الله من نعمة أحاسب حسابا عسيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا ريب أن البرهان المادي يقتضي وجوب الإيمان بمن أوجده، وزيادة الإيمان والطاعة ممن كان أصل الإيمان متحققا في قلبه، ومن هنا جاء الوعيد من الرب تعالى للحواريين بالعذاب الشديد إن لم يؤمنوا بعد إنزال المائدة من السماء، فقال سبحانه: قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين [المائدة:115]. هذا من وجه.
ومن وجه آخر فإن حدوث مثل هذه الأمور للعبد من أعظم النعم التي ينعم الله سبحانه بها عليه، والنعم تستدعي الشكر على المنعم، فإن قابل العبد ذلك بالمعصية فقد عرض نفسه لعذاب أشد من العذاب الذي قد يصيب من لم تحصل له مثل هذه البراهين.
إذا تقرر هذا.. فإننا نقول للأخ السائل: إنه ينبغي لك أن تستحضر عظم هذه النعمة، وأن عسى أن يكون الرب تبارك وتعالى قد أراد بك خيرا، فلتقابل ذلك بالشكر والعرفان، والطاعة للرحمن، والاستقامة لتنال عالي الجنان. كما أننا ننصحك أن لا تذكر مثل هذه الأمور لأحد، حتى لا تصاب بالغرور، فتصير النعمة نقمة عليك، قال شارح العقيدة الطحاوية وهو يتحدث عن الأمور الخارقة للعادة: ولهذا كان الناس في هذه الأمور ثلاثة أقسام: قسم ترتفع درجتهم بخرق العادة، وقسم يتعرضون بها لعذاب الله، وقسم يكون في حقهم بمنزلة المباحات. انتهى
هذا فيما يتعلق بالسؤال الأول، أما السؤال الثاني وهو قولك إنك في فتوى سابقة قلت: إن الأشياء الغيبية مثل عذاب القبر لا نطلع عليها فلم التكليف؟
فنقول في الجواب على هذا السؤال: إن الإيمان بالغيب قد جعله الله تعالى من صفات المتقين، بل ذكره في أول صفاتهم فقال: ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين* الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون [البقرة:2-3].
والحكمة في التكليف بالإيمان بالأمور الغيبية التي لا تدركها هو أن الأمور المحسوسة يستوي الناس في الإيمان بها، فارتكابها مكابرة بل هو أقرب إلى الجنون. أما الأمور الغيبية فبها يتحقق صدق الإيمان من كذبه، ومن هنا كانت المزية في الأجر لمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، روى أحمد في المسند عن أبي جمعة الأنصاري رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك، قال: نعم، قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني.
وهذه الخيرية ليست في الشرف، فإن الصحبة لا يدانيها شرف، وإنما المقصود عظم الأجر.
لذلك فإن الإيمان بالغيب فرض على الإنسان، يكفر من أنكر شيئا منه، إذ أن الإيمان به فرع عن الإيمان بمن أخبر به وهو الرب تبارك وتعالى، ومن أوحي إليه بهذا الشرع، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة