السؤال
صراحة حياتنا ليست سعيدة، أو الله لا يوفقنا في حياتنا، وأنا والله احترت في السبب. ما سبب عدم توفيق الله لنا في حياتنا؟
والدي حتى الآن فتح حوالي خمسة محلات تجارية، وللأسف كل محل كان يفشل، ونضطر لإغلاقه، وفتح محلا جديدا.
وكل محل يخسر. وحاليا فتح والدي محلا سادسا، وحتى الآن لم ينجح، ولم يصل للمستوى المطلوب.
وأيضا والدي مدين بمبالغ كبيرة، لم يستطع حتى الآن أن يسددها.
فلماذا لا نوفق في حياتنا؟
والداي ملتزمان دينيا، ولا يضيعان أبدا فرضا من أي صلاة، وخصوصا والدتي فهي منتقبة، وحياتها كلها لله لا تضيع فرضا، وحتى السنن تقوم بصلاتها، وعملها هو تحفيظ القرآن، يعني حياتها كلها لله.
ووالدي كذلك، لا يترك أي فرض من الصلاة.
فلماذا لا يوفقنا الله في حياتنا على الرغم من التزام والداي دينيا؟ ما السبب في ذلك ؟
أنا أكثر شخص متضرر، أبسط حلم في حياتي لا أستطيع أن أحققه بسبب المشكلة المالية، وديون والدي غير القادرين على أن نسددها.
فلماذا حياتنا لا يوجد بها توفيق؟ وما الحل للمشكلة؟
أنتظر إفادتكم بفارغ الصبر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن ينفس كربك، وأن يحصن فرجك، وأن يعافيك في دينك ودنياك.
واعلم -رحمك الله- أن هذه الدنيا دار ابتلاء، وهذا الابتلاء لا ينجو منه أحد حتى من اصطفاهم الله من عباده وهم الأنبياء، وأكثرهم بلاء في هذه الدنيا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فهو أرفعهم وأعلاهم درجة. فمن ابتلاه الله في الدنيا، فصبر، فسيعوضه الله في الآخرة، والآخرة خير وأبقى، والآخرة خير من الأولى، وما عند الله خير للأبرار. فإذا صبرت على قدر الله، فلك من الله أجر عظيم؛ قال الله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر:10}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط. رواه الترمذي وحسنه. وقال صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم.
فاحمد لله أن جعل مصيبتك في أمر من أمور الدنيا، ولم يجعل مصيبتك في دينك، واحرص ألا تغيب عنك مع ما أنت فيه من ابتلاء عدة أمور:
منها: أن الله لا يسأل عما يفعل، قال تعالى: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. [الأنبياء:23].
ومنها: أن الابتلاء في الدنيا ليس علامة على الشقاوة، بل يبتلى المرء على قدر دينه، فالابتلاء تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب، فراجعها بأدلتها في الفتوى رقم: 13270، والفتوى رقم: 27048.
ومنها: أن التقوى مخرج من كل ضيق؛ قال سبحانه وتعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:3].
ومنها: أن من أعظم أسباب الرزق الإكثار من الدعاء، والاستغفار مع الاجتهاد في بذل الأسباب، والاستعانة بالله تعالى؛ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7768.
وأخيرا نوصي أباك –قضى الله عنه دينه- بالأدعية المأثورة في قضاء الدين؛ ففي الحديث عن علي- رضي الله عنه- أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال:ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم، وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم: اللهم رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة، والإنجيل، والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 67254، 121776.
والله أعلم.