السؤال
في بعض الأحيان أقول للناس ألا يفعلوا شيئا معينا مثل عدم استخدام جوجل، وأن يستخدموا محرك بحث آخر، أو مثلا أن يستخدموا جهازا معينا بطريقة معينة لئلا يفسد، ومع مرور الزمن قد تتغير وجهة نظري للأمور فأقوم بفعلها.
فهل يدخل هذا في قول أن من صفات المنافقين أنهم يقولون ما لا يفعلون؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك أنك تنهى الناس عن شيء تظن أنه خطأ أو مخالف للشرع، ثم مع مرور الوقت يتبين لك أنه ليس مخالفا للشرع، وبناء على ذلك تتغير وجهة نظرك فتقوم بفعله، فإن هذا لا يعتبر من صفات المنافقين، بل هو من صفات المؤمنين الذين إذا تبين لهم الحق رجعوا إليه.
أما إن كان قصدك أنك تنهى الناس عن شيء ترى أن فعله خطأ أو مخالف للشرع، ثم تفعله أنت معتقدا ذلك، فإن هذا من الصفات المذمومة؛ قال تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون [البقرة:44]. وقال تعالى: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون [الصف:3]. وقال الله تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه {هود:88}.
وقال الغزالي في الإحياء: وكل من تناول شيئا وقال للناس لا تتناولوه، فإنه سم مهلك سخر الناس منه واتهموه.. ولذلك قيل في المعنى:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم.
ولكن هذا لا يبرر ترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.
فقد جاء في لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي: قيل للحسن: إن فلانا لا يعظ ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول، ود الشيطان أنه ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر. قال مالك: وصدق، ومن ذا الذي ليس فيه شيء.
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط.
وأقوال أهل العلم في هذا كثيرة.
وفي خصوص ما إذا كانت هذه الصفة من صفات المنافقين؟ فجوابه أن الشخص إذا كان الذي ينهى عنه هو من المعروف، فإن ذلك يعتبر صفة من صفات المنافقين. قال الله تعالى: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون {التوبة:67}.
والله أعلم.