السؤال
أنا في دولة كفر وأخذت قرضا مضطرا له للأكل والشرب، والآن أحببت أن أنفر للجهاد ولا أملك أن أسد القرض، فهل أنتظر إلى أن أسدد القرض؟ أم أترك القرض وأنفر للجهاد؟.
أنا في دولة كفر وأخذت قرضا مضطرا له للأكل والشرب، والآن أحببت أن أنفر للجهاد ولا أملك أن أسد القرض، فهل أنتظر إلى أن أسدد القرض؟ أم أترك القرض وأنفر للجهاد؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن الجهاد متعينا فلا تخرج حتى تقضي دينك أو تقيم من يقضيه عنكن لأن الجهاد مظنة الشهادة، وهي تفوت الحق على صاحب الدين، والشهيد يغفر له كل شيء إلا ما في ذمته من حقوق الناس كالدين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: يستفاد منه أن الشهادة لا تكفر التبعات، وحصول التبعات لا يمنع حصول درجة الشهادة، وليس للشهادة معنى إلا أن الله يثيب من حصلت له ثوابا مخصوصا ويكرمه كرامة زائدة، وقد بين الحديث أن الله يتجاوز عنه ما عدا التبعات، فلو فرض أن للشهيد أعمالا صالحة وقد كفرت الشهادة أعماله السيئة غير التبعات، فإن أعماله الصالحة تنفعه في موازنة ما عليه من التبعات، وتبقى له درجة الشهادة خالصة، فإن لم يكن له أعمال صالحة فهو في المشيئة. اهـ.
وروى الترمذي من حديث أنس مرفوعا: القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة، فقال جبريل: إلا الدين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلا الدين. وصححه الألباني.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: الدين لا يكفره إلا عفو صاحبه أو استيفاؤه. اهـ.
ولذلك نص جماعة من أهل العلم على أن الدين ـ حالا كان أو مؤجلا، لمسلم كان أو لكافر ـ يسقط الجهاد غير المتعين، قال الإمام الشافعي في الأم: لو كان عليه دين لم يكن له أن يغزو بحال إلا بإذن أهل الدين، وإذا كان يحجبه مع الشهادة عن الجنة: الدين، فبين أن لا يجوز له الجهاد وعليه دين إلا بإذن أهل الدين، وسواء كان الدين لمسلم أو كافر.. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: من عليه دين حال أو مؤجل لم يجز له الخروج إلى الغزو إلا بإذن غريمه، إلا أن يترك وفاء أو يقيم به كفيلا أو يوثقه برهن، وبهذا قال الشافعي، ورخص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه، لأنه لا تتوجه المطالبة به ولا حبسه من أجله، فلم يمنع من الغزو، كما لو لم يكن عليه دين. اهـ.
أما في الجهاد المتعين: فلا يعتبر فيه إذن الغريم، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا تعين الجهاد فلا خلاف بين الفقهاء في أنه لا إذن لغريمه، لأنه تعلق بعينه فكان مقدما على ما في ذمته كسائر فروض الأعيان، وصرح الحنابلة بأنه يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل من المبارزة والوقوف في أول المقاتلة، لأن فيه تغريرا بتفويت الحق، بل يقف وسط الصف أو حاشيته حفظا للدين. اهـ.
ولا يخفى أن الواجب في القروض الربوية أن يقضى رأس المال دون فوائده الربوية.
والله أعلم.