حكم من لا يدري هل كان بالغا أم لا عندما حنث في يمينه

0 139

السؤال

منذ مدة - قد تكون أقل من سنة، أو أكثر - كنت مخاصما لصديقي، فقد كتبت شيئا على موقع تواصل اجتماعي، وأمرته بقراءته، ولكنه لم يقرأه لأنه كان طويلا بعض الشيء، فغضبت حينها لأنني شعرت بأنه يستطيع قراءة ما كتبته، ولكنه كان يتكاسل، فقلت له: "والله، لن أقرأ شيئا تكتبه لي إلا إذا قرأت ما كتبته أنا" وبعد ذلك شعرت بأنني تهورت فيما فعلته؛ لأنني لن أستطيع معرفة هل قرأ ما كتبته أم لا، إلا إذا قال لي ذلك، ولم نكن نتكلم إلا بالكتابة فقط، فاضطررت أن أقرأ ما يكتبه لي، وأمرته أن يقرأ ما كتبته ثانية، فوافق في النهاية، وقرأ ما كتبته، فهل علي كفارة يمين أم لا؟ فقد كنت مضطرا إلى الحنث في اليمين، وكنت متهورا عندما حلفت، كما أن هناك شيئا آخر، وهو أنني لا أذكر عندما حلفت هل كنت بالغا أم لا، ولكنني أعتقد أنني كنت بالغا حينها، فماذا أفعل؟ وهل أعتبر نفسي كنت بالغا، وتجب علي الكفارة، أم أعتبر نفسي لم أكن بالغا حينها؟ وهل أؤدي الكفارة احتياطا أم ماذا أفعل - جزاكم الله خيرا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما قولك: "لا أذكر هل عندما حلفت كنت بالغا أم لا" فالحكم فيه أنه إذا لم يحصل لك يقين بأنك كنت بالغا زمن حلفك: فإنه لا شيء عليك؛ لعدم التحقق من التكليف؛ فمن القواعد المقررة شرعا أن اليقين لا يزول بالشك، وقد سبق بيان شيء من هذا في الفتوى رقم: 103637، وانظر أيضا الفتوى رقم: 26889، لبيان علامات البلوغ.

وأما إذا حصل عندك يقين بأنك كنت بالغا زمن حلفك فإنك - حينئذ - إذا قرأت ما كتب لك صديقك قبل أن يقرأ هو ما كتبت له: فقد حنثت في يمينك؛ جاء في البيان والتحصيل لابن رشد المالكي: قال ابن القاسم في أخوين حلف أحدهما على صاحبه: إن كلمتك أبدا حتى تبدأني، ثم حلف الآخر إن كلمتك أبدا حتى تبدأني: إن الأيمان عليهما على ما حلفا عليه من بدأ منهما صاحبه فهو حانث. 

وكذلك إذا قرأت ما كتبه قبل أن تعلم أنه قرأ ما كتبت، ولو كان هو قد قرأ قبلك، جاء في التاج والإكليل للمواق من كتب المالكية: قال مالك: من قال لزوجته: أنت طالق إن خرجت إلا بإذني، فأذن لها في سفر، أو حيث لا تسمعه، وأشهد بذلك فخرجت بعد إذنه وقبل علمها بالإذن، فهو حانث.

وذهب الشافعية إلى عدم الحنث في حال قراءته هو قبلك، ولم تعلم أنت بذلك، فقرأت له؛ جاء في القوانين الفقهية لابن جزي المالكي: من حلف ألا تخرج زوجته إلا بإذنه فأذن لها ولم تعلم أو لم تسمع وخرجت حنث خلافا للشافعي.

وجاء في المجموع في الفقه الشافعي: وإن قال: إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق، فأذن لها، ولم تعلم بالإذن، ثم خرجت لم تطلق .. كما لو قال: إن خرجت قبل أن أقوم فأنت طالق، ثم قام ولم تعلم به.

وعلى أية حال: فالأحوط أن تكفر عن يمينك إذا حصل لك يقين بأنك قد بلغت سن التكليف في وقت حلفك. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة