السؤال
هل إذا تكلمت عن شخص ظلمني، وظلم أهلي، يعتبر ذلك من الغيبة؟
وماهي كفارة الحلف على كتاب الله مع عدم تنفيذ ما حلف عليه. مثال: حلفت أني لن أفعل كذا وكذا، ثم رجعت وفعلت هذا الشيء، ثم الحمد لله لم أعد لفعل هذا الشيء.
فهل علي كفارة؟ وماهي كفارته؟
ولدي سؤال آخر وهو: ماذا عن قول بعض الناس عن قصة معاوية وعمرو بن العاص عندما اتفق علي ومعاوية أن يوكلا عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري. واتفقا أنهما لا يختاران أي واحد لا عليا رضي الله عنه ولا معاوية رضي الله عنه، وعندما خرجا ليقولا حكمهما. قال أبو موسى الأشعري: إني أخرجت عليا من يدي هذه، كما أخرج الخاتم هذا من يدي. وقال عمرو بن العاص: إني ثبت معاوية كما أثبت هذا الخاتم في يدي.
أفيدوني جزكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في أن يتكلم عمن ظلمه على سبيل التظلم وطلب الإنصاف، ولا يعتبر ذلك من الغيبة المحرمة؛ وانظري الفتويين: 17592 ، 55568.
وأما كفارة من حلف على كتاب الله وحنث في يمينه، فهي كفارة اليمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد شيئا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام؛ قال الله تعالى: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام {المائدة:89}. وراجع أقوال العلماء في كفارة اليمين فتوانا رقم: 17345.
وما أشرت إليه من قصة أبي موسى وعمرو بن العاص.. فقد ذكرها أهل التاريخ والأخبار في كتبهم بروايات غير صحيحة، وقد حرفها بعض الرواة المتعصبين ضد الصحابة رضوان الله عليهم، وأصحاب الكتب معذورون في نقلها؛ لأنهم لم يلتزموا صحة ما جاء في هذه الكتب، وإنما نقلوا ما وصلهم من أخبار بالسند، وتركوا العهدة فيها على الرواة والنقاد والقراء؛ لذلك قال شيخ المفسرين ومؤرخ الإسلام الإمام الطبري في تاريخه: إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إلا بأخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس؛ فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا.
وفي قصة أبي موسى وعمرو بن العاص وأمر التحكيم التي سألت عنها يقول الطبري في تاريخه: قال أبو مخنف: حدثني المجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر الحارثي، أن عليا بعث..."
وأبو مخنف هذا - الذي روى عنه الطبري القصة-هو لوط بن يحيى، قال عنه ابن حجر في لسان الميزان: أخباري تالف، لا يوثق به. تركه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال مرة: ليس بشيء. وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم.. وقال أبو عبيد الأجري: سألت أبا حاتم عنه، ففض يده.
وعلى ذلك فالقول بأن أبا موسى وعمرا اتفقا على خلع علي ومعاوية غير صحيح.
والذي وقع في التحكيم هو أنهما اتفقا على أن يبقى علي في الكوفة وهو خليفة المسلمين, وأن يبقى معاوية في الشام أميرا عليها.
يقول د. حامد الخليفة في كتابه (الإنصاف) معلقا على رواية أبي مخنف: فالمغالطة هنا أن معاوية لم يكن يومئذ خليفة, ولم يكن يطالب بالخلافة, فكيف يخلع عن شيء لا يمتلكه. ولا يخفى ما تنطوي عليه هذه الروايات من قدح وذم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتهام بعضهم بالغدر والخيانة.
والله أعلم.