الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الملحد ينبغي السعي أولا في هدايته للإسلام، والكلام معه أولا عن التوحيد، والاستدلال له بالأدلة العقلية، وبيان الآيات الكونية الدالة على قدرة الله وعظمته، واستحقاقه للإفراد بالعبادة والألوهية، وعن المعجزات النبوية الثابتة الدالة على إثبات الرسالات، وعن عظمة القرآن، ودلائل صدقه، وما تضمنه من الحقائق العلمية التي اكتشفت مؤخرا، وهناك مراجع تعينك في هذا الأمر، ومنها:
ـ قصة الإيمان، لنديم الجسر.
ـ الإيمان والحياة، ليوسف القرضاوي.
ـ العقيدة في الله، لعمر الأشقر.
ـ العلم يدعو إلى الإيمان، لوحيد الدين خان.
- الفيزياء ووجود الخالق للدكتور جعفر شيخ إدريس.
- كتاب: الله يتجلى في عصر العلم ترجمة الدكتور الدمرداش عبد المجيد سرحان.
- الإسلام يتحدى للأستاذ وحيد الدين خان.
- صراع مع الملاحدة حتى العظم للشيخ عبد الرحمن الميداني.
ـ مؤلفات الشيخ عبد المجيد الزنداني، ومن أهمها الإيمان والتوحيد.
ـ مؤلفات الدكتور زغلول النجار.
وأما وجود إبراهيم فلا ينكره إلا جاهل بالتاريخ والديانات، فإن الإجماع حاصل على وجوده بين اليهود، والنصارى، والعرب، وكان كل منهم يدعي اتباعه.
وأما عن الحنيفية ووجودها: فإن الحنيفية هي ملة الإسلام التي كان عليها إبراهيم - عليه السلام - والأنبياء قبله وبعده، وقد أمر الله عز وجل نبيه والمؤمنين باتباعها، فقال سبحانه وتعالى: فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين {آل عمران: 95}.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم على الحنيفية قبل الإسلام، ولم يقارف شيئا من أعمال المشركين، وكان يتعبد على ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ففي الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أنه كان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه. أي: يتعبد، كما قال الزهري.
وقد رجح الألوسي في تفسيره أن تعبد النبي صلى الله عليه وسلم كان على ملة إبراهيم، ويدل لذلك أن في الحديث رواية أخرى، وهي يتحنف بالفاء، أي: يتبع الحنيفية ملة إبراهيم، وهي رواية رواها ابن هشام في السيرة، وذكر ابن حجر وغيره في معنى يتحنث المروية في الصحيحين أن فيها معنيين:
الأول: أنها بمعنى يتحنف، أي: يتعبد على الحنيفية ملة إبراهيم، وقد أبدلت الفاء ثاء، وهذا كثير في اللغة.
والثاني: أنها بمعنى يتجنب الحنث، أي: الإثم، كما في يتحرج، ويتأثم، ونحوها، أي: يتجنب الإثم والحرج.
ومن أهل الفترة الذين كانوا على الحنيفية زيد بن نفيل ففي صحيح البخاري عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله! قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنى أستطيعه! فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد فلقي عالما من النصارى، فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله! قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئا أبدا، وأنى أستطيع! فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديا، ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم - عليه السلام - خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل درجتين. رواه ابن عساكر، وحسنه الألباني.
وعن سعيد بن زيد: قال سألت أنا، وعمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو، فقال: يأتي يوم القيامة أمة وحده. رواه أبو يعلى، وقال الشيخ حسين أسد: إسناده حسن.
ومن الحنفاء الذين كانوا لا يتبعون ما عند أهل الجاهلية، وقد أدركوا البعثة وأسلموا: عمرو بن عبسة السلمي - رضي الله تعالى عنه - فإنه قال كما في صحيح مسلم: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا جرءاء عليه قومه، فتلطفت، حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال: أنا نبي، فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، فقلت: وبأي شيء أرسلك، قال: أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء.
والله أعلم.