الانتقال من عمل لآخر أو من بلد لآخر للبحث عن عمل ليس قطعا للرزق

0 203

السؤال

أنا شاب متزوج، وعندي أربعة أولاد، ومقيم في دولة خليجية، ومنذ عشر سنوات كنت أعمل في شركة مرموقة، وبمرتب ممتاز، إلا أن قدر الله وفصلت منها، ومن ثم تعاقدت مع شركة خاصة لمدة سنة، وبراتب جيد، وفي العقد تم الاتفاق على أن أكون شريكا في العمل، وفتح شركة جديدة يدرج اسمي فيها، بأرباح سنوية، ولكن هذا لم يحدث بعد نقل كفالتي عليهم، وانتظرت في البيت لأعمل معهم ستة أشهر، ومن ثم مللت، وراتبي يغطي المصاريف فقط، وتم فتح الشركة بسجل لم يدرج فيه اسمي، فقلت لهم: أنا ذاهب إلى بلدي إجازة، وإذا وجدت عملا، وفرصة أفضل، فسأخبركم، وظللت ثلاثة أشهر، ولم أجد أي فرصة تتيح لي البقاء، مع أني كنت أود من قلبي أن أظل بجانب أمي وإخواني، واتصلت بمدير الشركة، فقال لي: ارجع، ووعدني بأن يقوم بتجهيز المكتب، وإعطائي نسبة، ورجعت، ومنذ ثلاثة أشهر إلى الآن لم يحصل شيء، وفي الشهرين الأخيرين لا يوجد أي عمل أفعله مقابل راتبي، واعتذر المدير بأنه لا يوجد رأس مال كاف لإكمال هذه الشركة، وقال لي: لا أريد منك الذهاب، ولكن أعطني فكرة مشروع آخر؛ لنعمل عليها، وندفع راتبك منها إذا أردت، أو ابحث عن عمل آخر، وسنعطيك نقل كفالة، وأنا في حيرة من أمري، فهل أستمر مع هذا الشخص الذي أخذت الصورة عنه، وعن الذين يعملون معه أنه يحب نفسه، ويبخل عليهم، وأن أعيد التجربة معه مرة أخرى، أم أرجع إلى بلدي إذا لم أجد عملا آخر، وهل هذا يعني أني قطعت رزقي بيدي، مع العلم أني أدعو الله كل يوم أن يوفقني لبر الأم، والعيش معها بقية حياتها، فأفيدوني - جزاكم الله خيرا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالذي فهمناه من السؤال هو أنك تستشيرنا في البقاء مع كفيلك، مع ما ذكرت عنه من خلف الوعد، أو الانتقال إلى بلدك مع خشيتك من قطع رزقك.

وإذا كان كذلك: فالذي نشير به عليك هو أن تسأل أهل النصح من أقربائك، وأصدقائك، وذوي المعرفة بحال البلد هنا وهناك، وأن تستخير الله تعالى الاستخارة الشرعية، وهي أن تصلي ركعتين من غير الفريضة، وتدعو بدعاء مخصوص، ففي صحيح البخاري من طريق جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري، وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري، وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني، قال ويسمي حاجته.

ويمكنك أن تبحث عن عمل مع غيره، كما أشار هو عليك بذلك، وأ كثر من الاستغفار، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود.

وكذلك الدعاء، ولا سيما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون، يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى، يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي، وقضى عني ديني.

وننبهك على أن انتقالك لبلدك، أو بحثك عن عمل مع غير كفيلك ليس فيه قطع لرزقك: فالرزق مضمون أينما كان المرء، وأينما اتجه ،ولا أحد من البشر يقدر على قطع رزق قسمه الله لعبده، فالله تعالى هو الرزاق، كما قال سبحانه: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين { الذاريات: 58}. وقال عز وجل: قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله {سبأ: 24}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها. رواه أبو نعيم، وصححه الألباني.

ولكن إيماننا بذلك، وتوكلنا على الله لا ينافي بذل الأ سباب، كما بينا في الفتويين رقم: 193243 - 180069.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى