حكم الصلاة خلف المفتي السارق الظالم ومحاولة عزله عن منصبه

0 296

السؤال

لدي سؤال في غاية الأهمية، يكاد يشعل الأمة، ويفرق شملها: فمفتي الجمهورية سرق ونهب أموال المسلمين, وأيد الظالم بظلمه، ولم يقل الحق أبدا، والناس قد كرهوه، وكرهوا الصلاة وراءه، ونددوا به، وسبوه، وشتموه، فما حكم ذلك المفتي؟ وهل نخرج عليه؟ وهل وجب إزالته من منصبه؟ وما حكم الصلاة وراءه - بارك الله بكم -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتي الذي يفسد أديان الناس بجهله وهواه، لا يجوز إبقاؤه في منصب الإفتاء، وقد نص بعض الفقهاء على الحجر على المفتي الماجن! فروي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يجوز الحجر إلا على ثلاثة: على المفتي الماجن، وعلى المتطبب الجاهل، وعلى المكاري المفلس. اهـ.

قال الكاساني في بدائع الصنائع: ما أراد به الحجر حقيقة ـ يعني المنع من التصرف في ماله ـ وإنما أراد به المنع الحسي، أي: يمنع هؤلاء الثلاثة عن عملهم حسا؛ لأن المنع عن ذلك من باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ لأن المفتي الماجن يفسد أديان المسلمين، والطبيب الجاهل يفسد أبدان المسلمين .. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: يحجر على بعض الناس الذين تكون مضرتهم عامة، كالطبيب الجاهل، والمفتي الماجن، والمكاري المفلس؛ لأن الطبيب الجاهل يسقي الناس في أمراضهم دواء مخالفا، يفسد أبدانهم لعدم علمه، ومثله المفتي الماجن، وهو الذي يعلم الحيل الباطلة، كتعليم المرأة الردة لتبين من زوجها، أو لتسقط عنها الزكاة، ثم تسلم، وكالذي يفتي عن جهل ... فإن كل واحد من هؤلاء مضر بالعامة، الطبيب الجاهل يهلك أبدانهم، والمفتي الماجن يفسد عليهم أديانهم. اهـ.

ومثل هذا قد لا يقتصر الأمر على منعه، بل يحتاج إلى السجن، أو تأديب السلطان، جاء في الموسوعة الفقهية: نص فقهاء المالكية على مشروعية حبس، وتأديب المتجرئ على الفتوى إذا لم يكن أهلا لها، ونقل مالك عن شيخه ربيعة أنه قال: بعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق. اهـ.

وهذا من مهمات أولياء الأمور، جاء في الموسوعة الفقهية: ينبغي أن ينظر في أحوال المفتين: فيمنع من يتصدر لذلك، وليس بأهل، أو إذا كان ممن يسيء ... وقال الخطيب البغدادي: ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتين، فمن صلح للفتيا أقره، ومن لا يصلح منعه ونهاه، وتواعده بالعقوبة إن عاد، قال: وطريق الإمام إلى معرفة من يصلح للفتيا أن يسأل عنه علماء وقته، ويعتمد إخبار الموثوق بهم، وقال ابن القيم: من أفتى وليس بأهل، فهو آثم عاص، ومن أقرهم من ولاة الأمور فهو آثم أيضا، ونقل عن ابن الجوزي قوله: يلزم ولي الأمر منعهم، فهو بمنزلة من يدل الركب، ولا يعلم الطريق، وبمنزلة من يرشد الناس إلى القبلة، وهو أعمى، بل أسوأ حالا، وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن الطب من مداواة المرضى، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة، ولم يتفقه في الدين! اهـ.

وأما الصلاة خلف هؤلاء: فحكمها حكم الصلاة خلف سائر الفساق والفجرة، فهي صحيحة مع الكراهة، على الراجح، وراجع في ذلك الفتويين: 53089، 122226.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة