حكم ترك الجماعة الأولى لمن حضرها لخطأ الإمام في القراءة

0 216

السؤال

أحب من فضيلتكم إيضاح بعض الأمور عن الإمامة في المسجد، فقد مرض الإمام الراتب للمسجد الذي أصلي فيه، فأصبح يغيب كثيرا، فيأتي رجل لا يجيد قراءة القرآن، وليس له علم بالقواعد ليؤم الناس، فحاولت نصحه أن يترك الإمامة لمن هو أولى منه - وكثير هم في ذاك المسجد - وبينت له أنه يخطئ، فقال لي: أنا متمكن، وأنت الذي لا تسمع جيدا، فتوليت عنه, فهل يجوز لي إن أتيت المسجد، وقد غاب الإمام ألا أصلي وراءه؟ ليس غيظا أنه ردني فقط؛ بل لأن قراءته كأنه يغني، وتغضبني كثيرا، وغاب الإمام مرة أخرى، فقام رجل يجيد القراءة ليؤم الناس، وأقيمت الصلاة، ثم جاء ذلك الرجل يصفق عليه، ثم أزاحه, فهل يجوز ذلك؟ وما العمل تجاهه إن لم يجز ذلك؟ علما أنه فتح عليه رجل فأشار عليه بالسكوت، وليس لي علم لأحاجه به، كما أنه متكبر لا يسمع، فماذا علي فعله كمسلم - جزاكم الله خيرا على جهدكم -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإنه لا يجوز لك - ما دمت في المسجد، ولم تصل الفريضة بعد - أن تتخلف عن الجماعة إذا كانت صلاة من يؤمهم صحيحة، وقراءته مجزئة, وقد نص الفقهاء على أن صلاة الجماعة تجب على من حضرها في المسجد, قال صاحب الإنصاف: تجب الجماعة على من هو في المسجد، مع المرض، والمطر، قاله ابن تميم.... اهــ .

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر من صلى في بيته، ثم حضر جماعة المسجد أن يصلي معهم، ونهاه عن التخلف، فكيف بمن حضرها ولم يصل بعد!؟ ففي مسند أحمد، وسنن النسائي، والترمذي من حديث يزيد بن الأسود العامري قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف، إذا هو برجلين في أخرى القوم، لم يصليا معه، فقال: علي بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا، فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم.

وإذا كان ذلك الرجل لا تتوافر فيه شروط الإمامة: فارفع الأمر إلى الجهات المسؤولة حتى يتم استبداله بغيره.

وأما أن يكون الرجل في المسجد، ثم يترك الصلاة وراء الإمام، مع صحة صلاته، وإجزاء قراءته، ويصلي وحده، أو في جماعة ثانية: فهذا خلاف ما جاء به الشرع, وانظر الفتوى رقم: 125208 عن حكم تعمد ترك الصلاة مع الجماعة الأولى، وإقامة جماعة ثانية.

وأما السؤال عما إذا كان يجوز لذلك الرجل أن يزيح من تقدم للإمامة بعد الإقامة: فجوابه أن هذا لا ينبغي؛ لأن الشخص الذي تقدم أولا إن كان أنابه الإمام: فهو أولى بالإمامة، وإن كان ليس نائبا للإمام: فإنه يقدم من رضيه أهل المسجد, جاء في مطالب أولي النهى: ويستنيب من ولاه السلطان، أو نائبه إن غاب، ويصير نائبه أحق لقيامه مقامه، وإن غاب ولم يقم نائبا؛ فيقدم من رضيه أهل المسجد؛ لتعذر إذنه.. اهـ.

وليس لأحد أن يفرض نفسه على المصلين، وانظر الفتوى رقم: 94790 عن حكم تعيين الإمام غيره ليؤم المصلين.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة