حكم بيع المدين بيته لسداد الدين والسكن بإيجار

0 306

السؤال

علي ديون كثيرة، وأمتلك أصولا تكفي وتزيد، وفي كل منها مشكلة، وأحاول أن أبيع حتى أسدد ديوني، وشقة الزوجية هي الوحيدة التي يمكن بيعها حتى أسدد ديوني، ويمكنني إيجار شقة أخرى في نفس العمارة التي أقطن فيها، ولكن زوجتي مريضة، وحركتها ضعيفة، ولا تستطيع الانتقال، وليس لها دخل، ولم ننجب أولادا، وتخشى في حالة وفاتي ألا تستطيع دفع الإيجار، وأخشى عليها ألا تتمكن من العيشة الكريمة، مع العلم أني أعتقد أنه في حالة بيع الشقة وسداد ديني، أن مشاكلي سوف تحل، حيث إنني دخلت في مشاريع كثيرة، ولم أوفق فيها، وأحس أن ذلك لعدم دفع ديوني - جزاكم الله خير الجزاء -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالواجب على المدين الموسر سداد دينه على الفور إذا حل، وطالب به الدائنون؛ لأن مطل الغني ظلم، قال ‏الشيخ مرعي كرمي في دليل الطالب: ويجب على مدين قادر وفاء دين حال فورا بطلب ربه. قال الموفق في ‏المغني: إذا امتنع الموسر من قضاء الدين، فلغريمه ملازمته، ومطالبته، والإغلاظ عليه ‏بالقول، فيقول: يا ظالم، يا معتدي. اهـ

فإن لم يجبه ترافع إلى القاضي ليحبسه، لا يخرج من محسبه حتى يؤدي ‏ما عليه - كما يقوله الفقهاء -.

وما دمت تملك بيتا - شقة - يمكنك أن تستغني عنه بالإيجار، وتسدد بثمنه ديون غرمائك، وهذه هي الطريقة الممكنة لسداد دينك، فعليك بيعه؛ لأن ‏انتقالك من بيت الملك إلى بيت الإيجار لا ينقلك من اليسار إلى الإعسار؛ لأنك تمتلك أصولا أخرى، وتتمكن من السكن بالإيجار، وما دمت غير معسر فيجب عليك السداد، ‏وتعريف الفقهاء للإعسار لا ينطبق عليك، فالمعسر عند الحنفية: من عدم المال أصلا.

وعند المالكية: هو ‏الذي ليس عنده ما يباع.

وعند الشافعية: من لا يملك شيئا من المال. أو: الذي لا يملك زيادة على كفاية يوم وليلة.

‏وعند الحنابلة: من لا شيء له، ولا يقدر على شيء.

والمقصود في تعاريف الفقهاء: ما زاد عن حاجة المدين من ‏ملبس، ومطعم، ومسكن من كل بحسب العرف، فالمعسر إذن هو المدين الذي لا يملك فاضلا عن حاجته هو ‏ومن يعول، وللمزيد في معنى الإعسار انظر الفتوى رقم: 13557.‏

وما تذرعت به من علل ليست موانع عرفا من الانتقال إلى بيت بالإيجار؛ لأن الوسائل الحديثة ‏يسرت انتقال المريض دون ضرر، ولا تتعين الحياة الكريمة بالتملك، وكان ينبغي أن يكون رجاؤك وأملك بالله أن ييسر لك أمر أصولك ‏الأخرى المتعسرة ببيع الشقة، وسداد الديون، أعظم من خوفك من الهوان، والبؤس إن سكنت ‏بالإيجار.‏

وما ذكرته من شؤم مماطلتك ببيع الشقة، وسداد الدين غير بعيد، فإن شأن الدين عند ‏الله عظيم؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يستعيذ بالله من المغرم في ‏صلاته، كما في الصحيحين فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، يا رسول الله! فقال: ‏‏إن الرجل إذا غرم، حدث فكذب، ووعد فأخلف. حتى أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا ‏الدين، ولست تدري متى تموت، فنوصيك بالبدار ببيع الدار، وسداد الديون، وللمزيد في ‏أدعية قضاء الدين انظر الفتويين: 67949 - 47551.‏

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة