السؤال
أريد أن أدفع الزكاة إلى امرأة هنا في فرنسا، لكني لا أعلم إن كانت مستحقة لإعطائها من الزكاة، فهي تعيش مع أمها، وأمها غير مسلمة، وهذه المرأة معتنقة للإسلام، وأمها تعمل، لكنها لا تريد أن تشتري لها جلابيب مثلا، علما أن هذه البنت معها جلباب تلبسه، وأمها لا تشتري لها اللحم الحلال، لكنها تنفق عليها في الأمور الأخرى - السكن، والمأكولات الأخرى من سمك، وخضروات .. - والبنت هذه منتقبة؛ لهذا لا يمكن أن تجد عملا هنا، رغم أنها قوية مكتسبة، فهل يجوز صرف زكاة المال لها؟ وإذا لم يكن ذلك جائزا، فكيف أجد شخصا مسلما فقيرا أعطيه؟ علما أنه من الصعب - بالنسبة لي - إيجاد شخص فقير فعلا، والتأكد من أنه يقوم بالصلاة، وغيرها من شعائر الإسلام، وهل يجوز لي الانتظار إلى أن أدخل إلى المغرب مثلا - بارك الله فيكم -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 137127، وتوابعها حد الفقير الذي تدفع إليه الزكاة.
وأما حال البنت المسؤول عنها - نسأل الله أن يثبتها على الإسلام - فواضح أنها تجد طعاما كافيا، حتى ولو لم تجد لحما، ولكن يمكن إعطاؤها ما تشتري به جلبابا آخر، ونحوه بقدر الحاجة؛ فإنه من الحاجات الأساسية، والعادة أن المرأة تحتاج إلى أكثر من جلباب، حتى إذا اتسخ أحدها استعملت الآخر، وكذلك إذا كانت درجة الحرارة تتفاوت، فربما تحتاج إلى جلباب صيفي، وآخر شتائي.
ولذلك ذكر الفقهاء في أبواب النفقات، بعد ذكر وجوب الكسوة، أنها تتكرر؛ قال ابن قدامة في الكافي: وعليه كسوتها في كل عام مرة في أوله؛ لأنه العادة، فإن تلفت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها، لزمه بدلها؛ لأن ذلك من تمام كسوتها.
والغرض من النقل أن الثوب الواحد لا يكفي في العادة.
وكونها تستطيع العمل، لكن لا تجد عملا، لا يرفع عنها وصف الفقر، أو المسكنة؛ قال الشربيني في مغني المحتاج: ولو كان له كسب يمنعه منه مرض، أو لم يجد من يشغله، أو وجد من يشغله في كسب لا يليق به، أو لم يجد كسبا حلالا، كما سيأتي بعض ذلك، ففقير ... وأفتى الغزالي بأن أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب، لهم أخذ الزكاة. أهـ.
وإذا أعطيتها بقدر حاجتها، وبقي من الزكاة شيء؛ فيمكن أن تبحثي عن مركز إسلامي موثوق، وتوكليه في إخراج الزكاة، كذلك قد تجدين بعض المؤلفة قلوبهم، وصفتهم في الفتوى رقم: 167593.
وقد بينا في الفتوى رقم: 175233 حكم إعطاء الزكاة لتارك الصلاة، ومحل المسألة إذا علم أنه لا يصلي، والأصل في المسلمين الصلاة، ولا يجب التفتيش عن عكس ذلك؛ لأن الأصل في المسلم السلامة، إلا إذا دل دليل على خلافها.
وأما نقل الزكاة إلى المغرب، أو غيرها: فالراجح جوازه، إذا وجدت مصلحة، وانظري الفتوى رقم: 127374.
ولكن لا يجوز تأخير الزكاة حتى ترجعي إلى المغرب، ولكن أرسلي المال لمن يأخذه فيخرجه، وانظري الفتوى رقم: 95914.
والله أعلم.