السؤال
ما هو علاج سوء الظن بالآخرين؟ أحيانا تحدثني نفسي بظن السوء بالناس بسبب أفعال فعلوها في السابق، كأن أسيء الظن بأحدهم أنه يصلي الآن من غير وضوء، وذلك لأنني شاهدته قبل مرة صلى بلا وضوء، أو أسيء الظن بأحدهم عندما أرى أنه يفعل أشياء غير شريفة مثلا وهكذا...... وما معنى كلمة تحقق في الحديث:........ وإذا ظننت فلا تحقق؟ وهل هو حديث صحيح؟ فهذه المشكلة خطيرة جدا وأريد أن أقضي عليها قبل أن تتمكن مني، ساعدوني أرجوكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسوء الظن قد حده الغزالي ـ رحمه الله ـ في الإحياء بقوله: أن لا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن. انتهى.
وقد عده ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ في كتابه الزواجر من الكبائر الباطنة، وقد ذكر من عظم مفسدة هذه الكبيرة وسوء أثرها أنها: تدوم بحيث تصير حالا وهيئة راسخة في القلب. انتهى.
ونقل عن ابن النجار قوله: من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه، إن الله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن {الحجرات: 12}.
وأما علاج سوء الظن بأخيك المسلم: فقد قال الغزالي رحمه الله: ينبغي أن تدفعه عن نفسك وتقرر عليها أن حاله عندك مستور كما كان وأن ما رأيته منه يحتمل الخير والشر، فإن قلت فبماذا يعرف عقد الظن والشكوك تختلج والنفس تحدث؟ فتقول أمارة عقد سوء الظن أن يتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفورا ما ويستثقله ويفتر عن مراعاته وتفقده وإكرامه والاغتمام بسببه، فهذه أمارات عقد الظن وتحقيقه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث في المؤمن وله منهن مخرج فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه أي لا يحققه في نفسه بعقد ولا فعل لا في القلب ولا في الجوارح، أما في القلب فبتغيره إلى النفرة والكراهة، وأما في الجوارح فبالعمل بموجبه، والشيطان قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس ويلقي إليه أن هذا من فطنتك وسرعة فهمك وذكائك وأن المؤمن ينظر بنور الله تعالى وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته. انتهى.
وانظر أيضا لعلاج سوء الظن الفتاوى التالية أرقامها: 194169، 128542، 53137.
وحديث: ثلاث في المؤمن وله منهن مخرج، فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه ـ قد ضعف سنده الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث الإحياء، حيث قال رحمه الله: رواه الطبراني من حديث حارثة بن النعمان بسند ضعيف. انتهى.
وفي لفظ: ثلاث لازمات لأمتي: سوء الظن، والحسد، والطيرة، فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فاستغفر الله، وإذا تطيرت فامض. وقد ضعفه الألباني.
وأما معنى التحقق: فقد ذكر له المناوي في فيض القدير معنيين يرجعان إلى معنى تأكيد الظن في النفس وما يترتب على هذا التأكيد من قول أو فعل، حيث قال رحمه الله: إذا ظننتم فلا تحققوا ـ بحذف إحدى التاءين تخفيفا أي لا تجعلوا ما قام عندكم من الظن محققا في نفوسكم محكمين للظن، ويجوز كونه بضم أوله وكسر القاف أي إذا ظننتم بأحد سوءا فلا تحققوه في نفوسكم بقول ولا فعل، لا بالقلب ولا بالجوارح، أما بالقلب فيصيره إلى النفرة والكراهة وفي الجوارح بعدم العمل بموجبه والشيطان يقرب على قلب الإنسان مساوئ الناس بأدنى مخيلة ويلقى إليه أن هذا من فطنته وسرعة ذكائه وأن المؤمن ينظر بنور الله وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته. انتهى.
والله أعلم.