السؤال
البارحة كنت أبحث عن حكم النظر إلى الرجل الوسيم، فأنا أتمتع أحيانا بالنظر إليه، وأجد لذلك لذة، وأحب الرجال الوسيمين، وعرفت أن ذلك حرام، فقررت الابتعاد عنه، أو النظر فقط للحاجة؛ لأني أعمل نادلا، وأضطر إلى النظر، لكني في أثناء بحثي وجدت لابن القيم قولا: "إن حب الرجال والنظر إليهم، نابع من سقوط العبد من عين ربه، وطرده عن بابه" وعندها تفاجأت، وقد كنت أنوي قيام الليل قبل أن أرى ذلك، لكني نفرت عن ربي، وأحسست بضعف، فأي شيء أبشع من أن تعلم أن الله يبغضك، وأنك مطرود عن بابه، فأنا لدي هذه العادة منذ صغري، وعمري الآن 18، فهل يبغضني ربي من صغري؟! وهذا ليس ظني بربي، فقد كنت قريبا من الدين، أما الآن فاللذة في العبادات، والهمة ذهبت أدراج الرياح، بسبب أنني محروم ومطرود عن باب ربي، كما قال ابن القيم، قال ابن القيم- رحمه الله- في بيان أنواع العشق: "وعشق هو مقت عند الله، وبعد من رحمته، وهو أضر شيء على العبد في دينه ودنياه، وهو: عشق المردان، فما ابتلي به إلا من سقط من عين الله، وطرد عن بابه، وأبعد قلبه عنه، وهو من أعظم الحجب القاطعة عن الله، كما قال بعض السلف: إذا سقط العبد من عين الله، ابتلاه بمحبة المردان، وهذه المحبة هي التي جلبت على قوم لوط ما جلبت، وما أوتوا إلا من هذا العشق، قال الله تعالى: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) " انتهى من الجواب الكافي ص 173 ، 174، فأفيدوني - جزاكم الله ألف خير -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيث علمت بحرمة النظر إلى الرجال بشهوة، فتبت إلى الله تعالى، وامتنعت عنه، وجاهدت نفسك، فلست ممن عناهم ابن القيم بهذا الكلام, بل أنت مأجور - إن شاء الله - على نهي نفسك عن ذلك، مع قدرتك عليه.
ولهذا يقول ابن القيم - رحمه الله - عن العاشق الذي يصبر لله، ويعف لله، ويكتم لله: وهذا لا يكون إلا مع قدرته على معشوقه، وإيثار محبة الله، وخوفه، ورضاه، وهذا أحق من دخل تحت قوله تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى) وتحت قوله تعالى: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ممن آثر حبه على هواه، وابتغى بذلك قربه ورضاه. الجواب الكافي.
فالزم هذا الطريق، واثبت عليه.
وأما كلامه الأول: فالظاهر أنه يقصد به من لم ينه نفسه عن العشق، بل استرسل معه، فعمل ما يمقته الله جل وعلا.
ثم اعلم أنه لا ملجأ، ولا منجى من الله إلا إليه، وعلى المسلم أن يسير إلى ربه متوازنا بين الخوف والرجاء، فلا يغلب جانب الرجاء حتى يؤدي به إلى التفريط في جنب الله، كما لا يغلب جانب الخوف حتى يصاب باليأس والقنوط.
فأحسن الظن بربك سبحانه وتعالى، وأقبل عليه، يقبل عليك برحمته ورضوانه، فإنه تعالى يقول في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة. متفق عليه.
وانظر الفتويين: 80780، 9360.
والله أعلم.