حكم من علق طلاق زوجته على إرادتها له ثم أرادا الرجوع بعد أكثر من أربعة أشهر

0 181

السؤال

رجل قال لزوجته عندما طلبت منه الطلاق: إذا كنت تريدين الطلاق، فأنت طالق. وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر، وتدخل أهل الخير، تم الصلح والاتفاق على أن يعودا معا. الطلاق لم يوثق، بمعنى لم تصدر شهادة طلاق.
ما هو الحل حيث يريدان الرجوع من أجل الأبناء. هل يتم عقد جديد بدون توثيق؟
نرجو الإفادة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن كانت المرأة سكتت ولم تتلفظ باختيار الطلاق، فالظاهر لنا –والله أعلم- أن الطلاق لم يقع؛ لأن الزوج علق طلاقها على إرادتها، ولم تتلفظ بما يدل عليها.

  قال ابن قدامة –رحمه الله- : فإن قال: أنت طالق إن شئت. أو: إذا شئت. أو: متى شئت. أو: كلما شئت. أو: كيف شئت. أو: حيث شئت. أو: أنى شئت. لم تطلق حتى تشاء، وتنطق بالمشيئة بلسانها، فتقول: قد شئت؛ لأن ما في القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان، فتعلق الحكم بما ينطق به.

 وقال: إذا قال لامرأته: أنت طالق بألف إن شئت، لم تطلق حتى تشاء، فإذا شاءت وقع الطلاق بائنا، ويستحق الألف سواء سألته الطلاق فقالت: طلقني بألف. فأجابها، أو قال ذلك لها ابتداء؛ لأنه علق طلاقها على شرط، فلم يوجد قبل وجوده. وتعتبر مشيئتها بالقول، فإنها وإن كان محلها القلب، فلا يعرف ما في القلب إلا بالنطق، فيعلق الحكم به، ويكون ذلك على التراخي، فمتى شاءت طلقت. نص عليه أحمد. ومذهب الشافعي كذلك، إلا في أنه على الفور عنده. المغني لابن قدامة.
 وأما إن كانت تلفظت باختيار الطلاق، فقد وقع، وإذا لم تكن هذه الطلقة مكملة للثلاث، فلزوجها مراجعتها في عدتها، والعدة تنقضي بثلاث حيضات إن كانت المرأة ممن تحيض، وبوضع الحمل من الحامل، وبانقضاء ثلاثة أشهر إن كانت المرأة صغيرة لم تحض، أو كبيرة يئست من الحيض.
وإذا كانت العدة قد انقضت دون أن يراجعها الزوج، فله أن يعقد عليها عقدا جديدا، ولا مانع من عدم توثيقه؛ إذ التوثيق  ليس شرطا في صحة النكاح. أما إذا كانت تلك الطلقة مكملة للثلاث، فلا يملك الزوج رجعتها، ولا سبيل له إليها إلا إذا تزوجت زوجا غيره -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
ولا أثر لتسجيل الطلاق وتوثيقه في الدوائر الرسمية على نفوذه، وترتب أحكامه الشرعية عليه، لكن ننبه إلى أن توثيق الطلاق مصلحة كبيرة ولا سيما في هذه الأزمان، فلا ينبغي التهاون فيه.
 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة