السؤال
هل يجوز أن نذكر ظلم الحجاج في مجالسنا، فكثير من العلماء يذكرونه على المنابر، مع العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم ـ وكذلك ذكر حادثة خلق القرآن وظلم المأمون للعلماء؟.
هل يجوز أن نذكر ظلم الحجاج في مجالسنا، فكثير من العلماء يذكرونه على المنابر، مع العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم ـ وكذلك ذكر حادثة خلق القرآن وظلم المأمون للعلماء؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور فيه ضعف، ويغني عنه حديث: لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا. رواه البخاري.
وقد خص من هذا الحديث الفاسق المستعلن بفسقه والمبتدع الداعي إلى بدعة، فيذكر بما فيه من الشر للمصلحة الراجحة. قال ابن حجر في الفتح: قوله ـ يعني البخاري: باب ما ينهى من سب الأموات ـ قال الزين بن المنير: لفظ الترجمة يشعر بانقسام السب إلى منهي وغير منهي، ولفظ الخبر مضمونه النهي عن السب مطلقا، والجواب أن عمومه مخصوص بحديث أنس السابق، حيث قال صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير وبالشر: وجبت وأنتم شهداء الله في الأرض ـ ولم ينكر عليهم. انتهى.
ومن هذا الباب ذكر الحجاج وأضرابه من الظلمة، وذكر المأمون وأشباهه من الدعاة إلى البدعة تحذيرا للناس وبيانا لعاقبة الظلم وتذكيرا بصبر العلماء وثباتهم، ولم يزل العلماء يذكرون أمثال هذا عبر العصور، قال الشوكاني في شرح الحديث المذكور: والوجه تبقية الحديث على عمومه إلا ما خصه دليل كالثناء على الميت بالشر، وجرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتا لإجماع العلماء على جواز ذلك، وذكر مساوئ الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم، قال ابن بطال: سب الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقا معلنا، فلا غيبة له، وكذلك الميت. انتهى.
فإن لم تكن مصلحة من ذكر الميت بما فيه من المساوئ فالأولى الكف، والسلامة لا يعدلها شيء، وما أحسن ما قال الشوكاني ـ عليه الرحمة ـ وعبارته: والمتحري لدينه في اشتغاله بعيوب نفسه ما يشغله عن نشر مثالب الأموات، وسب من لا يدري كيف حاله عند بارئ البريات، ولا ريب أن تمزيق عرض من قدم على ما قدم وجثا بين يدي من هو بما تكنه الضمائر أعلم مع عدم ما يحمل على ذلك من جرح أو نحوه أحموقة لا تقع لمتيقظ ولا يصاب بمثلها متدين بمذهب. انتهى.
والله أعلم.