0 230

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم, وأزكاها عند مليككم, وأرفعها في درجاتكم, وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول, قال ذكر الله ـ فما هو المقصود بذكر الله هنا؟ وهل هو القرآن والذكر؟ أم الذكر فقط؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الحديث حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.. ولم نجد من خصص عموم الذكر فيه، وبالتالي يكون المقصود به ذكر الله بكل أنواع الذكر فيدخل فيه ذكره بتلاوة القرآن، وهو أفضل أنواع الذكر المطلق، وذكره بالتهليل والتسبيح والتكبير.. وانظري الفتوى: 50249.

وانظري أيضا الفتوى رقم: 225700، بعنوان: المفاضلة بين كلمة التوحيد والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن ينبغي العلم أن أفضلية الذكر في هذا الحديث الشريف قد اختلف فيما إذا كانت على إطلاقها، أو أن الذكر إنما يكون أفضل بحسب حال الشخص، فيكون الذكر أفضل له في حال وغيره أفضل في أحوال أخرى، فقد جاء في فيض القدير للعلامة المناوي عند شرح الحديث المذكور قال:... هذا محمول على أن الذكر كان أفضل للمخاطبين به، ولو خوطب به شجاع باسل حصل به نفع الإسلام في القتال لقيل له الجهاد، أو الغني الذي ينتفع به الفقراء بماله، قيل له الصدقة، والقادر على الحج قيل له الحج، أو من له أصلان قيل له برهما، وبه يحصل التوفيق بين الأخبار. اهـ

وذهب ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ إلى إبقاء الحديث على إطلاقه، ولكن بشرط كون الذكر باللسان وبالقلب معا، قال في فتح الباري: وطريق الجمع ـ والله أعلم ـ أن المراد بذكر الله في حديث أبي الدرداء الذكر الكامل وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالتفكر في المعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلا من غير استحضار لذلك، وأن أفضلية الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد، فمن اتفق له أنه جمع ذلك كمن يذكر الله بلسانه وقلبه واستحضاره، وكل ذلك حال صلاته أو في صيامه أو تصدقه أو قتاله الكفار مثلا، فهو الذي بلغ الغاية القصوى، والعلم عند الله تعالى. اهـ.
 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات