السؤال
ماحكم الشرع فيمن هجر أولاده وأهله من أجل الدعوة إلى الله ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاد المرء وأهله لهم عليه حقوق يجب أن تؤدى بقدر الاستطاعة، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...... متفق عليه
وقوله: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أحمد وصححه النووي.
فإذا قام الشخص بالإنفاق على أهله بقدر الكفاية، فله أن ينصرف إلى الدعوة إلى الله تعالى والعمل من أجل دينه، والمسلم إذا كان على بصيرة وعلم فلن يضيع حقا بسبب حق بل يعطي كل ذي حق حقه، متمثلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه سلمان رضي الله عنه، والذي نسوقه مع قصته لمناسبتها لموضوع السؤال، روى البخاري بسنده عن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك؟ قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان
قال الحافظ ابن حجر: وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور. انتهى من فتح الباري.
والله أعلم.