السؤال
أبي يبلغ من العمر 68 عاما- أطال الله في عمره- له أختان غير متزوجتين، لا يرد لهما أي طلب، ولو على حساب عائلته، وأولاده، حتى إنه قام بالتنازل عن قطعة الأرض الوحيدة التي ورثها من والده؛ لأولاد أخته، بأمر منهما دون علمنا، علما أننا نحن عائلته لا نملك بيتا نسكن فيه، وهما تملكان بيتا، وعقارات، ودخلا، كما أنه قام مسبقا ببيع أراضي أخرى، وصرف المال وتبذيره دون تأمين مستقبل عائلته، ويقوم شهريا بشراء الحشيش، وتدخينه مهما كان الدخل ضيقا، وولداه الآن يدرسان، وهو يملك الآن آخر قطعتي أرض، وينوي بيعهما بالاتفاق مع أختيه، ونحن نخشى أن يبذرهما، ونبقى دون بيت، ولا دخل لإتمام الدراسة، فهل يجوز لنا شرعا الحجر على أموال والدنا؟ وإذا كان ذلك غير جائز، فما الحل شرعا في هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب نصح هذا الأب بترك الدخان أولا؛ لحرمته، وضرره، كما ينصح بأنه خير له أن يدع ورثته أغنياء من أن يدعهم عالة يتكففون الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم لسعد، وبينوا له أنه لا يجوز له تضييع أهله وعياله، والتفريط فيما يجب عليه من نفقتهم؛ ففي مسند الإمام أحمد، وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. صححه الأرناؤوط.
كما يبين له أن صلة الأخوات بالمال أمر محمود، لكن إنفاقه على عياله -زوجته، وأبنائه- فيما يحتاجونه أفضل.
ويدل على هذا الحديث الذي رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا، فقال رجل: يا رسول الله: عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك.
قال الشوكاني: حديث أبي هريرة فيه دليل على أن الإنفاق على أهل الرجل أفضل من الإنفاق في سبيل الله. اهـ.
وأما مسألة الحجر عليه، فلا بد فيها من حكم قاض، هذا مع التنبيه على أن حق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أكبر الكبائر، وحجر الأولاد على أبيهم من أن يتصرف في أمواله، عقوق وظلم، ما لم يكن سفيها، أو مجنونا.
وأما إذا لم يكن كذلك، فلا يجوز للأبناء طلب الحجر عليه، وانظري الفتوى رقم: 43792.
والله أعلم.