هل يجوز إتلاف العين للكف عن الحرام؟

0 264

السؤال

هل يجوز لمن يشاهد الأفلام الإباحية أن يفقأ عينه ويصبح أعمى إن لم يستطع فعل أي شيء آخر لإيقاف نفسه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا يجوز فقء العين، أو إلحاق الضرر بأي عضو من الإنسان، ولو لتقليل شهوته؛ ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. قال القرطبي في المفهم: وهو - الاختصاء - محرم بالاتفاق.

وقد حكى الإجماع على تحريم قطع العضو ابن حزم في مراتب الإجماع فقال: واتفقوا أنه لا يحل لأحد أن يقتل نفسه، ولا يقطع عضوا من أعضائه، ولا أن يؤلم نفسه في غير التداوي بقطع العضو الألم خاصة. انتهى.

فأنت لا تملك عينك حتى تتصرف فيها؛ قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرح الزاد: والآدمي لا يملك نفسه، قال الإمام ابن حزم - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن الآدمي لا يملك نفسه، وإنما هي ملك لله عز وجل، أذن الله للمرء أن يحفظ هذه النفس، وأن يسعى في صلاحها، فيفلح من زكاها، ويخيب من دساها، فإذا كتب الله للإنسان هذه النفس، وكتب له الحياة، فعليه أن يحافظ عليها، وينتفع بما جعل الله فيها من المصالح، فلا يتصرف فيها بشيء إلا بما أذن له الشرع، حتى لو أتلف جزءا من نفسه لمصلحة البدن كله، فإنه على خطأ إلا فيما يستثنى، ومن ذلك حديث الطفيل بن عمرو لما هاجر ابن عمه معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج إلى الغزو، فجرح فاستعجل الموت، وضاقت عليه نفسه، فقطع براجمه، فنزف ومات، فلما توفي رآه الطفيل فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، قال: وما في يدك؟ وإذا به كأن على يده شيئا، قال: قال الله لي: لن نصلح منك ما أفسدت من نفسك، قال: فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - والحديث في مسلم - فقصصت له ما كان منه، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم وليده فاغفر، اللهم وليده فاغفر، اللهم وليده فاغفر. الشاهد: أن الله قال له: (لن نصلح منك ما أفسدت من نفسك)، فإنه قطع براجمه من أجل أن يرفق بنفسه، فكيف بمن يقطعها رفقا بالغير، إذن: لا يملك الآدمي التصرف في نفسه، فهذا الجسد وضعه الله أمانة عند الإنسان، لا يجوز أن يقدم على شيء إلا في أحوال مخصوصة كأن تأتيه غرغرينة، أو يأتيه تسمم في يد ويقطعها، فهذا مستثنى؛ لأنه استصلاح للجسد كله، وليس استعجالا للموت، كما جاء في حديث الطفيل ؛ وإنما هو قطع لإبقاء، كما يكسر من السفينة لوح لنجاة كل السفينة. انتهى.

ولكن عليك أن تبحث عن علاج حقيقي يقطع عنك مشاهدة الحرام، وقد بينا في الفتويين: 66439، 137744، وتوابعها طريق الخلاص من مطالعة المواقع الإباحية، والصور المحرمة، فراجعها، ونسأل الله أن يصرفك عن السوء، والفحشاء، وأن يجعلك من عباده المخلصين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة