الأسئلة التي يُسأُل عنها العبد في القبر ويوم القيامة

0 629

السؤال

هل تختلف الأسئلة التي يسأل عنها العبد في القبر عن الأسئلة التي يسأل عنها يوم القيامة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤال العبد في قبره يختلف عن سؤاله يوم القيامة، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤال القبر، كما رواه البراء بن عازب قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر. مرتين أو ثلاثا، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون ـ يعني بها ـ على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيب، فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى سماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولون له: من ربك؟ فيقول: ربي الله فيقولون له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء أن قد صدق، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي، قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان ـ بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ـ حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ـ فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا، ثم قرأ: ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ـ فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول: رب لا تقم الساعة.

وفي رواية نحوه وزاد فيه: إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، وتنزع نفسه ـ يعني الكافر ـ مع العروق فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن لا يعرج روحه من قبلهم. رواه أحمد.

وأما سؤاله يوم القيامة: فقد قال الله تعالى: فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون {الحجر:92 ـ 93}.

قال أهل التفسير: لنسألنهم جميعا في الآخرة عما كانوا يعملون في الدنيا، ويقولون في القرآن الذي أنزلته إليهم، وفيما دعوناهم إليه من الإقرار به ومن التوحيد والبراءة من الأنداد والأوثان.. وقال أبو العالية: يسأل العباد عن خلتين: عما كانوا يعبدون، وماذا أجابوا المرسلين. بتصرف من تفسير الطبري.

وقال الخازن: يعني عما كانوا يقولونه في القرآن، وقيل عما كانوا يعملون من الكفر والمعاصي، وقيل يرجع الضمير في لنسألنهم إلى جميع الخلق المؤمن والكافر، لأن اللفظ عام فحمله على العموم أولى.

وقال تعالى: فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين {الأعراف:6}.

قال الطبري: لنسألن الأمم الذين أرسلت إليهم رسلي: ماذا عملت فيما جاءتهم به الرسل من عندي من أمري ونهيي؟ هل عملوا بما أمرتهم به، وانتهوا عما نهيتهم عنه، وأطاعوا أمري؟ أم عصوني، فخالفوا ذلك؟ ولنسألن الرسل الذين أرسلتهم إلى الأمم: هل بلغتهم رسالاتي، وأديتم إليهم ما أمرتهم بأدائه، أم قصروا في ذلك ففرطوا ولم يبلغوهم؟. اهـ

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيم أبلاه؟ وعن عمره فيم أفناه؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة.. رواه مسلم. 

والحاصل أن سؤال العبد في القبر يكون إجمالا عن ربه ودينه ونبيه. وفي القيامة يكون مفصلا عن أقواله وأفعاله وما كلف به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة