السؤال
توفي والدي يوم الاثنين، الموافق السادس من ربيع الأول، وكان مؤذنا، ويصلي في المسجد الصلوات الخمس، وكان ملتحيا، وقبل وفاته بشهر قام بحلق لحيته. وبعدها بيومين مرض، وأصيب بجلطة في المخ، وكان الجزء الأيمن لا يعمل، وأصبح غير قادر على الكلام، إلا أنه قبل وفاته بخمس دقائق وأنا جالس بجانبه، وجدت يده اليمنى تتحرك، وتنزل دموع من عينه، ويوجد عرق تحت عينيه. وأنا جالس بجانبه كنت أشعر أنه يقول لي قم من جنبي، عندما تحركت يده اليمنى، وبعد ذلك جلست بجانب يده اليسرى، فتحركت وكأنه يقول لي قم. وبعدها جاء أخي.
وقد توفي في لحظة ولم نشعر. وبعدها وجدنا وجهه متنورا، وجميلا وعلى وجهه ابتسامه جميلة. وعند تغسيله لم ينزل شيء من بطنه، ولم يأخذ وقتا كثيرا. وعند تشييع الجنازة تحس وكأنه يجري.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لوالدك، وأن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته.
والظاهر أن السؤال لم يصل إلينا كاملا.
وعموما فما ذكرته يبشر بالخير إن شاء الله، وبعضه من علامات حسن الخاتمة.
أما بخصوص الموت يوم الاثنين، فجاء في فيض الباري للكشميري: قال السيوطي - رحمه الله تعالى -: إنه أفضل الأيام للموت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي فيه، وإن كان أفضل الأيام مطلقا هو الجمعة. اهـ.
وانظر الفتوى رقم:59789
وراجع بشأن تبسم الميت الفتوى رقم: 29018
وأما استنارة وجهه، فقد ذكر الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ في كتابه: كيف تغسل ميتا ـ أن بياض الوجه من أمارات حسن الخاتمة؛ لأنها تدل على أنه بشر برضا الله، والجنة.
وأما الإحساس بجري الجنازة، فلا دليل فيه على صلاح المتوفى أو عدمه.
وقد ورد في فتاوى اللجنة الدائمة سؤال يقول: هل يكون الميت ثقيلا أم خفيفا؛ وذلك وهو في النعش، وهل يطير كما يقع هنا في وقتنا ومن قبل أيضا؛ كما يحكى لنا من السالفين؟
فكان الجواب: يختلف ثقله وخفته باختلاف عظم جثته، ونحافته، وكبره وصغره، وما يزعمه بعض ضعاف النفوس من المنحرفين؛ من أن الميت الواحد يثقل أحيانا على حملة نعشه، ويخف أحيانا عليهم، وأنه يطير بالنعش أحيانا، أو يجري بحملته إلى جهة يحب أن يدفن فيها، أو جهة أخرى لأمر ما كرامة له، وإشعارا بصلاحه، وأنه من أولياء الله -فزعم كاذب، وقد يكون ما يدعى من جري بحملته، أو دعوى ثقل، أو خفة، من خداع حملته، وكذبهم، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- مع كثرتهم، وخيار السلف، وأئمتهم لا يحصون عدا، كانوا أصلح من هؤلاء، وأعبد منهم لله، وأتقى، وأعظم ولاية لله، ولم يحصل لأحد منهم شيء من ذلك حينما شيعت جنازاتهم. اهـ.
ويمكن أن يقال نحو ذلك أيضا فيما أخذه من وقت لتغسيله، وفي عدم نزول شيء من بطنه.
وانظر بشأن الدموع الفتوى رقم: 107871
ولعل والدك كان متأولا في حلق لحيته في الفترة التي سبقت وفاته، والتأويل يمنع الفسوق، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.
ولعل المرض الذي أصابه كان تكفيرا للسيئات، أو رفعة للدرجات.
والله أعلم.