السؤال
هل من الممكن أن يكلم الله العبد عن طريق الكمبيوتر، أو بمعنى أصح يبعث رسائل مكتوبة له على الكمبيوتر أنه من أهل النار، وأن أمه من أهل الجنة، وأن أخاه من أهل النار؟
وإذا كان هذا غير ممكن الوقوع، فلماذا هو غير ممكن الوقوع؟ وما الدليل على أنه غير ممكن الوقوع؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الرسائل يحتمل أن تكون من بعض محترفي النت، أما أن تكون من الله تعالى؛ فإن العقل لا شك أنه لا يحيل هذا، لكنه لم يثبت شرعا، بل الثابت أن علم الغيب مختص بالله تعالى، وأنه لم يطلع عليه أحدا إلا ما اختص به بعض الرسل بما أوحاه إليهم، كما قال تعالى: ..وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء.. {آل عمران:179}، وقال تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا {الجن:27،26 }.
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة: وقد اصطفى الله من خلقه أنبياء، نبأهم من هذا الغيب بما يشاء، وأطلعهم منه على ما لم يطلع عليه غيرهم. انتهى.
وقال القرطبي: قال العلماء رحمة الله عليهم: لما تمدح سبحانه بعلم الغيب، واستأثر به دون خلقه، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم، ودلالة صادقة على نبوتهم. انتهى.
ونحيلك على مبحث مهم للدكتور محمد إسماعيل المقدم في كتابه: -أصول بلا أصول- تحت عنوان: ليس كل ممكن يقع في الوجود ، حيث قال : ...إن قدرة الله -تعالى- متعلقة بكل شيء؛ إذ هو القادر على كل شيء -سبحانه- فلا تلازم إذن بين قدرة الله -تعالى- وبين رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة بعد موته في الدنيا؛ إذ لو قلنا بذلك، للزم من هذا القول إباحة جميع المحرمات، وتحريم جميع المباحات، وإلغاء جميع الشرائع، وإفساد العباد والبلاد؛ لأن الله قادر على ذلك جميعا، فمن الممكن أن نبيح الفاحشة؛ لأن إباحتها داخلة تحت قدرة الله، ومن الممكن أن نحرم الصلاة؛ لأن تحريمها داخل تحت قدرة الله، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم، والله أعلم. اهـ.
وعلى كل، فاجتهد في طاعة الله، وسل الله أن تكون من أهل الجنة، ولا تنشغل بمثل هذه الأمور؛ وراجع للفائدة الفتوى رقم: 62340.
والله أعلم.