السؤال
أبي في 67 من العمر، وأمي في 63، وقد حجا، وملتزمان بالصلاة في وقتها، ولكنهما يتشاجران دائما لأسباب تافهة جدا، وفي أغلب الشجارات يسب أبي رب الجلالة، وتتفوه أمي بألفاظ سوقية بذيئة، وكل واحد منهما يرفع صوته على الآخر، ولا يمكنني بعد ذلك أن أبرهما، وأحسن لهما؛ لأن الأجواء داخل البيت ليست حميمة، والأعصاب في أغلب الأحيان متشنجة، فكيف أتصرف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحوج ما يكون والداك إلى صبرك على برهما، واحتمال خلافهما إذا كبرت سنهما، وقل صبرهما، ورائدك في تعاملهما قول الله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {لقمان :23ـ24}، وراجع الفتويين رقم: 240904، ورقم: 69066.
ومهما وقع في البيت من تشنجات وخلافات، فهذا لا يسقط شيئا من برك الواجب نحوهما، فإن أدلة وجوب برهما وحرمة عقوقهما لم تستثن حالات التشنج والاحتقان المنزلي، وراجع الفتوى رقم: 78838.
وليس من شك في أن سب الذات الإلهية يعتبر كفرا مخرجا من الملة ـ والعياذ بالله ـ ولكن ذلك لا يسقط وجوب بر الوالدين قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان:15}.
وينظر كلام العلامة السعدي في هذه الآية في الفتوى رقم: 245989.
وعليك بالسعي الحثيث لإصلاح ذات بينهما، ومناصحتهما بترك المناهي اللفظية، لا سيما ما يتعلق بسب الذات الإلهية، فإن الاحتساب عليهما من واجب برهما، جاء في الموسوعة الفقهية: أجمع الفقهاء على أن للولد الاحتساب عليهما؛ لأن النصوص الواردة في الأمر والنهي مطلقة تشمل الوالدين وغيرهما، ولأن الأمر والنهي لمنفعة المأمور والمنهي، والأب والأم أحق أن يوصل الولد إليهما المنفعة.
ويجب أن يراعى في ذلك كله فقه الاحتساب على الوالدين، كما فصلناه في الفتويين رقم: 224710، ورقم: 18216.
وبعد ما ذكرناه من التفصيل يتبين لك أن قولك: ولا يمكنني بعد ذلك أن أبرهما وأحسن لهما... يعتبر خطأ بالغا يجب عليك الرجوع عنه.
والله أعلم.