السؤال
عندما نزل الملك ليطبق الجبلين على أهل الطائف، أليس ذلك غير عدل؛ لأنه ليس كل أهل الطائف قد آذوا الرسول صلى الله عليه وسلم، بل بعضهم؟
عندما نزل الملك ليطبق الجبلين على أهل الطائف، أليس ذلك غير عدل؛ لأنه ليس كل أهل الطائف قد آذوا الرسول صلى الله عليه وسلم، بل بعضهم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
اعلم أولا أنه لا يجوز أن يصدر مثل هذا اللفظ من مسلم في حق الله تعالى، فهو سبحانه الحكم، العدل، الذي حرم الظلم على نفسه، فلا يمكن أن يظلم أحدا؛ قال تعالى: ولا يظلم ربك أحدا {الكهف:49}، وقال سبحانه: وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم {الأنعام:115}.
قال ابن تيمية: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام. اهـ.
فكان الأولى بك طرح السؤال بصيغة مختلفة كأن تقول مثلا: لماذا يعذبون جميعا، مع أن هذا الفعل قد صدر عن بعضهم؟
والجواب عن ذلك هو أنه قد يصدر فعل ما عن بعض الناس، ويرتضيه الآخرون، أو يكونون قد حضوا عليه، فيكونون شركاء للفاعل في الإثم، ونظير هذا ما حدث في عقر الناقة، كما في قصة ثمود قوم صالح - عليه السلام - فالذي عقر الناقة واحد، وهو قدار بن سالف، ولكن منهم من دعاه إلى فعل ذلك، كالتسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ومنهم من ارتضاه، فغضب الله عليهم، ونسب الفعل إلى الجميع، فوقع عليهم العذاب؛ قال تعالى: فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر {القمر:29}، وقال: فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها {الشمس:14}، أي: غضب عليهم فأهلكهم، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 70282.
وننبه هنا إلى أن الحال كذلك فيما إذا ترك الناس الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي في الإصلاح، فقد يعم العذاب الجميع؛ قال تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب {الأنفال:25}. وروى أحمد، وأبو داود، والترمذي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية :{ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه.
وروى البخاري، ومسلم عن زينب بنت جحش - رضي الله عنها - قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا، محمرا وجهه يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها. قالت: فقلت يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث.
وإذا كان فيهم مصلحون، نجى الله المصلحين، ثم أنزل عليهم العذاب كما نجى الرسل وقومهم، قال تعالى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون {هود:117}، وقال: ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين {يونس:103}.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 58430.
والله أعلم.