طهارة من تشعر بخروج ريح دائم من دبرها

0 570

السؤال

جزاكم الله خيرا على مجهودكم، وأرجو منكم - جزاكم الله خيرا - أن تجيبوني إجابة شافية. أنا مريضة بالوسواس القهري، وهو منتشر في عائلتنا جدا، وأنا طبيبة، وقد حاولت مقاومة الوسواس بالطرق العلمية، فاستطعت التغلب عليه في أي أمر لا يخص الدين، ولكن فيما يخص ديني لم أستطع تجاهل الأفكار الوسواسية لخوفي من فساد العبادة، وأشد ما يتعبني هو وسواس الوضوء، وأنا فيه مختلفة عن كل الحالات التي قرأتها من قبل، فقد بدأ الأمر معي بالشك في خروج الريح أثناء الوضوء، وتسبب ذلك بطول المدة إلى قيامي بحركة مدافعة الريح بمجرد رغبتي في الوضوء، ولا أستطيع التوقف عن هذه الحركات التي تتسبب في أغلب الأوقات، بل في كلها إلى خروج وتفلت ريح بسيطة جدا، كأنها خيط رفيع طوال محاولتي الوضوء أو الصلاة، وبمجرد الانتهاء من الصلاة تتوقف تماما، وقررت أن أعامل نفسي كمن يعاني من سلس الريح والوضوء مرة واحدة، ولكن لم أنجح في هذا لأني أشعر أني السبب في خروج الريح بمحاولاتي المستمرة لترقب خروجها، ومدافعة نفسي مما يتسبب في خروج أي قدر ضئيل جدا من الهواء في الدبر- أعزكم الله - وتسبب هذا في معاناتي لحوالي 12 سنة، ومعاناة من حولي؛ لأني أتأخر في الوضوء والصلاة كثيرا، ويقف زوجي بجانبي أثناء الوضوء ظنا منه أني أشك في عدد مرات الوضوء، ولم أستطع أن أفهمه وضعي؛ لأنه مصاب بقولون عصبي، ويعاني من انتفاخ مستمر، ولكنه لا يتوضأ إلا مرة واحدة للصلاة، ووالله إني أتعذب كثيرا حيث أقضي وقتا طويلا حتى أدخل في الوضوء بعد التأكد من عدم وجود أي قدر من الحركة في الدبر، ثم أدخل في الوضوء، وأتوقف وأعيد، ومن الممكن بعد النجاح في الوضوء، والسيطرة على الريح وبمجرد وقوفي للصلاة أن تخرج ريح مني من ذلك النوع بسيطة جدا، مثل خيط رفيع، ولكنها تخرج فعلا، وليست تهيؤات، فأذهب لإعادة الوضوء، وهكذا أصل إلى الصلاة متعبة جسديا ونفسيا، ولا أستطيع أن أركز في الصلاة أيضا فيزيد تعبي النفسي، ولا أستطيع أن أعد نفسي مصابة بسلس الريح؛ لأن ما يخرج وإن كان بسيطا فهو بسببي، ولكن في نفس الوقت أنا لا أستطيع منع نفسي من مدافعة الريح هذا، فقد أصبح لاإراديا، وأعلم يقينا أني إن تجاهلتها لفترة معينة فسأشفى منها، ولكني لا أتحمل تجاهل خروج ريح مني بسببي؛ وإنما أظل أتوضأ وأعيد الوضوء لفترات طويلة حتى أنجح في إنهاء وضوء كامل دون هذه الريح، وأنا أحيانا بعد أن أصل إلى غسل قدمي أجد عليها زيتا أو مادة دهنية، فأغسلها بالصابون، وأعيد الوضوء، وأتمنى أن أعلم هل استخدام الصابون في حالة كهذه، وبعد أن وصلت إلى غسل قدمي بعد معاناة، يمكنني أن أكمل الوضوء؟ أم أن استخدام الصابون يقطع الوضوء؟ أرجو منكم أن تجيبوني إجابة خاصة، ولا تحيلوني إلى أسئلة أخرى، فما أعانيه سبب لي عذابا لا يعلمه إلا الله، وحتى إن خفت معاناتي في الوضوء لكل صلاة بالوضوء مرة واحدة عند كل صلاة، فهذا سيكون إنجازا رهيبا وتوفير لوقت وماء، فكيف أتعامل مع حالتي رغم علمي أني لست مصابة بسلس الريح؟ خاصة أن ما يتعبني هو الغازات الضعيفة التي لا أستطيع السيطرة عليها، ولكني عندما أصاب بانتفاخ وغازات شديدة تكون معاناتي أقل، وأستطيع الوضوء أسرع، وأتحكم أكثر في خروج الريح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله سبحانه أن يعافيك مما تجدين، وأن يغير حالك إلى أحسن حال، وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة على التخلص من الوساوس في الفتويين: 51601، 3086.
وأما بخصوص سؤالك فنخشى أن يكون هذا من الأوهام، ووساوس الشيطان، ففي الحديث: يأتي الشيطان أحدكم فينقر عند عجانه، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. أخرجه أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث عن ابن عباس مرفوعا، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

والعجان كما في النهاية لابن الأثير: الدبر، وقيل ما بين القبل والدبر.

وفي حديث آخر ضعفه الألباني: إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو في صلاته، فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها، فيرى أنه أحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.

وعموما فلا يلزمك شيء بالشك في خروج الريح؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، وحينئذ عليك بالتلهي، والإعراض عن تلك الشكوك والوساوس حتى تزول.

أما إن تيقنت خروج الريح، فحيث كان هذا يلازمك كلما أردت الوضوء أو الصلاة بحيث لا تتمكنين من الصلاة بوضوء صحيح في الوقت، فتكونين - والحالة هذه - في حكم المصاب بسلس الريح، فيكفيك الوضوء لوقت كل صلاة عند دخول وقتها، ثم تصلين ما شئت طوال الوقت ما لم ينتقض وضوؤك بشيء آخر، وانظري الفتويين 112685، 26572 وإحالاتها، وهذا قول جمهور العلماء.

وأما المالكية فعندهم أن الحدث الدائم لا ينقض الوضوء، وحيث إنك مصابة بالوسواس، فلا نرى حرجا في أن تعملي بقول المالكية في عدم انتقاض وضوئك بخروج هذه الريح، وقد بينا في الفتوى رقم: 181305 أن للموسوس الترخص بما تدعو إليه حاجته من أقوال العلماء.

وهذا كله عند التيقن من خروج شيء، وإلا فلا يلزمك شيء أصلا - كما سبق -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة