السؤال
أريد أن أعرف ما دلالة هذا الحلم وتفسيره، لكن أسأل قبل ذلك: هل تفسير الأحلام والإيمان بها حرام؟ أرجو الإجابة المفصلة، وهل الخوف من حدث ما تم في حلم حرام، أو حتى التفاؤل؟ وهل هناك أحلام تحقق فعلا؟ وأخرى لا تتحقق؟ وما الفرق؟ فقد حلمت أن هناك صديقا لي قد رجع من السفر، وأخذ مني حقيبة، وأخذت أجري وراءه طوال الحلم في أماكن كثيرة، ومواقف كثيرة، مثل طوال طريق العودة من النادي، والمطعم حتى آخذها منه، وأتحدث مع ناس كثر، مثل صاحب المطعم، أو أشخاص آخرين لكي يساعدونني، وأتعرض لمواقف خداع كي يأخذ الحقيبة، وفي النهاية أخذتها، وعندما استيقظت وجدت هذا الصديق بالفعل عاد، ولم أكن أعرف أنه سوف يأتي في هذا اليوم، حتى أني لم أكلمه طوال فترة سفره، فلا أعرف هل هناك دلالة لذلك، أو أنه ربما سمعت صوته وأنا نائم فدخل في الحلم لا أعرف؟! مع العلم أن هذا الصديق يسكن معي في نفس العقار، وكان صديقي جدا في الطفولة، ومنذ أن كبرنا اقتصرت علاقتنا على السلام فقط، ربما بسبب اختلاف المجالات، وطريقة التفكير والتوجه, وهذا الصديق لم يخبرني بسفره، وقد عرفت من أصدقاء آخرين، ومنذ ذلك لم أحدثه حتى حلمت أنه عاد.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاصنا تعبير الرؤى والأحلام، وليس عندنا شيء في الحلم الذي رأيت في شأن صديقك.
واعلم أن تعبير الرؤيا ليس حراما، بل هو جائز لمن كان على دراية بتعبيرها، وليس بواجب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعبرها أحيانا، ويترك تعبيرها أحيانا، فقد روى الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه رؤيا، فطلب أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن يعبرها، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بعد ذلك: بأبي أنت أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبت بعضا وأخطأت بعضا، قال: فوالله يا رسول الله؛ لتحدثني بالذي أخطأت، قال: لا تقسم.
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه رأى في المنام كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار! يقول - رضي الله عنه -: فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم ترع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه.
واعلم ان ما يراه الرائي في نومه قد يتحقق في اليقظة، وقد لا يتحقق؛ ولذا لا ينبغي الاعتقاد بأن ما رآه في منامه سيقع لا محالة، كما لا ينبغي الخوف منه، ولكنه يشرع لمن رأى رؤيا تسر أن يتفاءل فألا حسنا؛ لما في التفاؤل الحسن من حسن الظن بالله تعالى، فقد ثبت بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: كان يعجبه الفأل الحسن. وإنما كان يعجبه ذلك لما فيه من حسن الظن بالله تعالى، كما قدمنا في الفتوى رقم: 28954، والفتوى رقم: 143703.
وأما الخوف منها، فعلاجه بكتمها، والتعوذ بالله من الشر، والاشتغال بالصلاة والذكر، وبذلك يسلم - إن شاء الله - من ضررها.
وأما عن الضابط لما يقع وما لا يقع؛ فقد بينه ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس.
وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال فلقيت أبا قتادة فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من الشيطان، ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره.
والله أعلم.