السؤال
عندما أردت أن آخذ من صديقي بعض أوراق العلم في مادة معينة في الدراسة، منعها عني بحجة أنه يجب الاستئذان من المدرس الذي شرحها له، فهل يعد ذلك كتما للعلم؟ وهل يجوز أن يعطيني هذه الأوراق التي هي ملك للمدرس الذي شرحها له مقابل أجر مادي؟ وما جزاؤه إن كان كاتما للعلم هو أو أستاذه؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأولا: الوعيد الوارد في كتمان العلم، مخصوص بالعلم الواجب بذله، أما المعلومات التي لا يتحتم العلم بها، فلا يدخل كاتمها تحت الوعيد الوارد في ذلك، روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سئل علما يعلمه فكتمه، ألجم بلجام من نار. أخرجه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه, وصححه الألباني، وغيره.
جاء في النهاية في غريب الأثر: الممسك عن الكلام ممثل بمن ألجم نفسه بلجام، والمراد بالعلم ما يلزمه تعليمه، ويتعين عليه، كمن يرى رجلا حديث عهد بالإسلام، ولا يحسن الصلاة، وقد حضر وقتها فيقول: علموني كيف أصلي، وكمن جاء مستفتيا في حلال أو حرام، فإنه يلزم في هذا وأمثاله تعريف الجواب. انتهى.
وحيث كان العلم المذكور في السؤال مما لا يجب بذله للناس، فحينئذ لا يأثم ذلك الطالب، ولا المدرس بكتمانه؛ وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 169509 وإحالاتها.
ثانيا: إن كان المدرس هو الذي أعد ذلك الورق، فحينئذ يجوز له الاحتفاظ بحقوق نشره، كما يجوز له أخذ أجر مادي مقابل السماح بالنشر؛ لدخول ذلك في حقوق الملكية الفكرية المصانة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف، والاختراع، أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة؛ لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعا، فلا يجوز الاعتداء عليها. اهـ.
وعلى ذلك، فإن كان المدرس لا يسمح بنشر الورق إلا بإذنه، فإنه يجب استئذانه.
وحينئذ لا يجوز لصديقك أن يعطيك تلك الأوراق إلا بإذن المدرس كذلك.
أما إن كان المدرس لا يمانع في نشر الورق، فيجوز النشر دون استئذانه، وإن كان يجوز لصديقك أن يمتنع حينئذ من النشر، حيث لا ضرورة إلى ذلك، وكذلك يجوز له أن يتكسب من ذلك الورق طالما تملكه.
ثالثا: إن كان الطالب هو الذي قام بكتابة الدروس في الأوراق، وجمعها، ونسقها، فلا حرج عليه في منعك إياها، كما يجوز له التكسب من وراء ذلك، سواء أذن له المدرس أم لا.
وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى: 18680، 26882، 16270، 50824.
والله أعلم.