0 201

السؤال

توفيت امرأة وتركت مالا، وأوصت أن يتصدقوا به عليها، وأن يصرفوه في تجهيز الكفن، وحفر القبر، فبقي منه نصيب، فهل يتصدقون به كذلك - جزاكم الله خيرا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالذي يظهر أن هذه المرأة أوصت بكل مالها, فإن كان للمرأة المذكورة ورثة، فإنه يؤخذ أولا من رأس مال التركة ما ينفق على مؤن التجهيز من الكفن، وأجرة حفر القبر، ونحوها من مؤن التجهيز, والباقي بعد مؤن التجهيز يؤخذ ثلثه، فيتصدق به عنها كما أوصت, وما زاد على الثلث يقسم بين الورثة القسمة الشرعية، ولا يتصدق به، بل هو مال ورثة إلا أن يشاء الورثة التصدق به فيمضي، وإذا لم يكن لها وارث، فإن العلماء اختلفوا فيمن أوصى بكل ماله هل تمضي وصيته كلها أم تمضي في حدود الثلث فقط؟ قال ابن قدامة في المغني: ومن أوصى بكل ماله، ولا عصبة له، ولا مولى له، فجائز، وقد روي عن أبي عبد الله ـ رحمه الله ـ رواية أخرى: لا يجوز إلا الثلث، اختلفت الرواية عن أحمد ـ رحمه الله ـ في من لم يخلف من وراثه عصبة، ولا ذا فرض، فروي عنه أن وصيته جائزة بكل ماله، ثبت هذا عن ابن مسعود، وبه قال عبيدة السلماني، ومسروق، وإسحاق، وأهل العراق، والرواية الأخرى: لا يجوز إلا الثلث، وبه قال مالك، والأوزاعي، وابن شبرمة، والشافعي، والعنبري؛ لأن له من يعقل عنه، فلم تنفذ وصيته في أكثر من ثلثه، كما لو ترك وارثا، ولنا، أن المنع من الزيادة على الثلث إنما كان لتعلق حق الورثة، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنك أن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ـ وها هنا لا وارث له يتعلق حق بماله... اهــ.

وهذا ما رجحه ابن القيم في الزاد حيث قال: إذا أراد المريض الذي لا وارث له أن يوصي بجميع أمواله في أبواب البر، فهل له ذلك؟ على قولين: أصحهما: أنه يملك ذلك؛ لأنه إنما منعه الشارع ما زاد على الثلث، وكان له ورثة، فمن لا وارث له لا يعترض عليه فيما صنع في ماله، فإن خاف أن يبطل ذلك حاكم لا يراه، فالحيلة له أن يقر لإنسان يثق بدينه، وأمانته بدين يحيط بماله كله، ثم يوصيه إذا أخذ ذلك المال أن يضعه في الجهات التي يريد. اهــ.

وعلى هذا، فإنه بعد مؤن التجهيز يتصدق بالباقي عنها إنفاذا لوصيتها, وإذا أطلقت الأمر بالصدقة ولم تعين الجهة هل هي للفقراء، أو بناء مسجد، أو غير ذلك من أعمال البر فإنها تصرف في الفقراء؛ لأن الغالب في الصدقة أن تكون لهم, جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب فيمن أوصى بالثلث، ولم يبين مصرفه: وإن لم يبين المصرف كأن قال: أوصيت بثلث مالي وأطلق، فإنها تصح، ويصرف للفقراء، والفرق أن الغالب في الوصية أن تكون للفقراء... اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات