لا يلزم التفتيش ما لم يُتيقن خروج شيء، ولا يلزم قضاء الصلوات عند الشك في الانتقاض

0 328

السؤال

عندي حالة مرضية، وهي أني لا أفرغ المستقيم كاملا؛ مما يسبب لي عدم راحة طوال اليوم، وآلام بسبب عدم إخراج البراز كاملا، وأشعر بتحركات، وبأن شيئا نزل مني، وأذهب للتأكد، فلا أجد أثرا لأي شيء، مع العلم أن هذه التحركات ليست بوسواس، لكني أحيانا بعد الإخراج أتأكد من نقاوة المنطقة جيدا، ثم أتوضأ، وأصلي، وفي بعض الأحيان أتأكد بعد الخروج من الحمام أيضا، ثم أتوضأ، وأصلي، وبعد الصلاة أتأكد من نفسي، فأجد أثرا للبراز، فأعيد الصلاة - معظم الوقت أعيد الفرض فقط - حتى ولو كان الأثر ضئيلا، فأصبحت بعد كل صلاة أتأكد من نفسي، فإذا وجدت شيئا أعدت الصلاة، وإذا لم أجد لا أعيدها، وأتجاهل ما أحسست به من تحركات، بالرغم من أني في بعض الأوقات أجد شيئا مع عدم الإحساس بأي تحركات تفيد نزول أي شيء، وأنا أعتقد أن حكم صاحب السلس لا ينطبق علي؛ لأن السلس ليس دائما، بالرغم من أن اليوم الذي لا أعيد فيه صلاة، أعتبره يوما جيدا، ولكن يشق أحيانا التأكد، أو إعادة الصلاة لضيق الوقت، كما في صلاة الفجر، والمغرب فأنا أستغرق وقتا طويلا في الحمام في محاولة الإخراج، ولكني لا أستطيع، ولا أستطيع تجاهل الشعور والخروج من الحمام، وأحيانا أتوضأ للصلاة الواحدة أكثر من مرة بسبب عودتي للحمام؛ للشعور بالألم، أو الإخراج مرة أخرى، فكيف سيكون الحال إذا أردت إعادة الوضوء، والصلاة مرة أخرى؟ وإذا كنت خارج المنزل فيصعب علي التأكد من نفسي، فلا أعلم إذا كانت صلاتي صحيحة أم لا؟ فهل يجب علي إعادة الصلوات؟ وما حكم الصلوات السابقة التي لم لا أعلم إن كنت صليتها صحيحة أم لا؟ فإن حالتي هذه معي منذ أكثر من ثمانية أشهر، ولم أبدأ بالتأكد من نفسي إلا في الشهور الأخيرة؟ وأنا أصلي معظم الوقت وأنا غير مرتاح، وأشعر بآلام، فلو أخرت الصلاة ليخف الشعور قليلا فقد تفوتني صلاة الجماعة، ولا أضمن نفسي من انتقاض وضوئي، أو الذهاب إلى الحمام، وأحيانا أصلي وأنا حاقن للبول قليلا، فمن ضمن الأعراض أني لا أفرغ المثانة كاملة، فهل هذا صحيح؟ أعتذر عن الإطالة، وذكر الأشياء بالتفصيل، ولكني أود أن تصل الصورة عن حالتي لكم بوضوح - جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله عز وجل أن يعافيك مما تجد، وأن يشفيك، ويشفي مرضى المسلمين.

والذي يظهر أن حكم السلس لا ينطبق عليك كما ذكرت، وقد ذكرنا ضابط الإصابة بالسلس في الفتوى رقم: 119395.

واعلم أنه لا يلزمك أن تفتش عن البراز، ولا غيره، ولا الوضوء، ما لم تتيقن خروج شيء منك؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، فما دام عندك شك وإن قل، فلا يلزمك التفتيش، ولا الوضوء، سواء كنت خارج المنزل أم داخله، وانظر الفتوى رقم: 130274.

كما لا تلزمك إعادة الصلوات التي صليتها وأنت شاك في خروج شيء منك؛ لما سبق أن ذكرنا، لكن إن تيقنت من انتقاض وضوئك، فيجب عليك إعادة الصلاة التي صليتها بدون وضوء.

وأما إن توضأت وصليت، ثم اكتشفت وجود أثر للنجاسة سابق للصلاة، فلا تلزمك إعادة الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 6115، وانظر كذلك الفتوى رقم: 58040.

ثم نقول أيضا: إذا تنجس لباسك ولم تتمكن من غسله، فإذا أردت الصلاة، فيجب عليك تطهيره، أو خلعه، واستبداله بغيره، أو الاكتفاء أثناء الصلاة بالثوب الخارجي إن كان طاهرا، ساترا للعورة، غير شفاف، هذا مع تطهير الدبر من النجاسة.

وإذا عجزت عن إزالة النجاسة من البدن، أو الملابس، ولم تجد ثوبا طاهرا تصلي فيه، فصل على حالك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 44652 مذاهب العلماء فيمن تنجست ملابسه ولم يجد غيرها ليصلي فيها.

وأما تأخرك عن صلاة الجماعة بسبب الشعور المذكور، فإن كان من أجل أن تتبين هل خرج منك شيء أم لا، فهذا تنطع مذموم؛ لما سبق بيانه من أنه لا يلزمك التفتيش عن خروج شيء، ما لم تجزم بخروجه، فمن باب أولى عدم انتظار خروج شيء مشكوك فيه.

أما إن كنت تريد الانتظار لما يوجبه ذلك الشعور من ألم يخل بالخشوع، فأردت الانتظار حتى تتمكن من تحصيل الخشوع في الصلاة، فهذا مطلوب شرعا، بل تكره الصلاة مع وجود ذلك الألم، ومن هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. رواه مسلم، وغيره. وفي الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه.

قال النووي: في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله؛ لما فيه من اشتغال القلب به, وذهاب كمال الخشوع, وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما: البول، والغائط, ويلحق بهذا ما كان في معناه يشغل القلب، ويذهب كمال الخشوع, وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا، وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة, فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة، صلى على حاله، محافظة على حرمة الوقت, ولا يجوز تأخيرها، وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجها لبعض أصحابنا أنه لا يصلي بحاله, بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت; لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته. اهـ.

وبخصوص الصلاة مع شعورك بعدم إفراغ المثانة من البول تماما، فإن كان هذا الشعور لا يؤثر على الخشوع في الصلاة، فلا بأس.

أما إن كان يخل بالخشوع، فتكره الصلاة مع وجوده، إلا إن كان مستمرا حتى خروج الوقت، فعليك بأداء الصلاة مع الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 133778، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 45329

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة