السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
أما بعد:
فلقد واجهت العديد من المواقف في هذه الفترة من عمري ابتداء من سن 16 تقريبا، وإلى الآن، وعمري 18 سنة، وأدرس في السنة الأولى باكلوريا (ثانوية عامة)، وتتجلى هذه المواقف بكثرة مع البنات اللواتي منهن من تقرأ معي، ومنهن من تجمعني معها الطرق بعد فراق دام 5 سنوات، أو ما شابه، مع العلم أن الله تعالى من علي بفضل عظيم أن رباني على مخافته، وخشيته. ومن هذا الباب لا أستجيب لهن أبدا وأتجنبهن قدر المستطاع، إلا ما قد يقع من الكلام لضرورة كالدراسة، أو تساؤل أو ما شابه. ودوما أحاول أن أضع صورة تقول لهن إنني لن أستجيب لكن أبدا، ولكن ما أريد منكم توضيحه هو أنني في مراحل الطفولة كنت على علاقة مع فتاة، فقط يجمعنا القسم، وكنت أزل في الكلام آنذاك من قبل أن أدرك خطورة الأمر، وكان من بين رسائلها لما نتكلم عن الآباء، تقول: هذه فرصة لكي تخطبني يعني كلام الصغر، وتفاهات النفوس في تلك المرحلة، والغريب أن الأمر لم يدم طويلا، فانفصلنا لكونها زلت، وكانت تقف مع شباب بشكل غير مؤدب، وتتكلم معهم هي وصديقاتها، وتعتبر ذلك شيئا طبيعيا، إلا أنه بعد مرور 5 سنوات كنت أنا وصديقي عائدين من المسجد من صلاة العشاء فالتقيتها، فلما رأتني توقفت كأنها لم ترني عسى يعني أن أكون أنا من يكلمها ابتداء، ولكن حبيبي الله وفقني، فغضضت بصري، ومررت فإذا بها تبعتني هي وصديقتها من وراء لمسافة جد قصيرة، ولمحت بصوت موجه لي بمعنى أن أعيرها اهتماما. وبعدها التفت، فوجدتها تضحك هي وصديقتها على الطريقة التي قامت بها، وعيناها في الأرض، فتجاهلت الأمر أنا وصديقي، وقد كانت في هيئة محجبة ومحترمة، ولاحظت تغييرا جزئيا عليها.
لكن السؤال هو: هل إذا قدر اللقاء بعد هذا، علما أنني أقدم السلام لكل أحد إلا لهذه الحالات، فإما أن أتجاوز وأتجاهل، أو أسلم ولكن بحدود وخفة تجنبا للفتن، وذلك حسب كل حالة. هل أذكرها بالله تعالى، وأخبرها أن ما تفعله سوء لتتجنبه أم لا يصح ذلك؟
( ومثل هذه الحالات عديدة)
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنحب أن ننبه السائل الكريم أولا إلى أن كثرة المخالطة للفتيات، مظنة الزلل لأقدام الشباب، فننصحك بالابتعاد عن مواضع الاختلاط ما أمكن، وقطع العلائق مع الفتيات الأجنبيات تماما؛ فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء. رواه البخاري ومسلم. وينظر حكم الدراسة في الجامعات المختلطة في الفتوى رقم: 5310، والفتوى رقم: 25838، والفتوى رقم: 43414 .
واعلم أن الأصل منع التحادث مع الفتاة الأجنبية، إلا إذا وجدت حاجة لا تستوفى من الشباب، فلا بأس بالتحدث مع صاحبة الحاجة بالضوابط الشرعية المقررة للتعامل بين الجنسين، وأهمها أمن الفتنة، وانتفاء الشهوة، والاقتصار على قدر الحاجة، وعدم النظر إلى وجه المرأة.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز التكلم مع الشابة الأجنبية بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة.
وبوب البخاري في صحيحه بابا فقال: باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال.
قال الحافظ في الفتح: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. اهـ.
وقال العلامة الخادمي ـ رحمه الله ـ في بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية، لا يجوز بلا حاجة، لأنه مظنة الفتنة. اهـ.
وتنظر ضوابط المحادثة بين الجنسين في الفتوى رقم: 3672، والفتوى رقم: 24854 ، والفتوى رقم: 30792 .
وينظر حكم ما ذكرته من إلقاء السلام على الفتيات في الفتوى رقم: 21582 ، الفتوى رقم: 73220 ، والفتوى رقم: 6158.
فإذا تقرر ما سبق، فإنكار السائل على تلك الفتاة، وتذكيرها بالله يدخل في الحاجة الشرعية المبيحة للحديث معها، فيباح بقدره، وبضوابطه الشرعية المتقدمة، فإذا اختلت تلك الضوابط لم يجز؛ لأن الإخلال بتلك الشروط إخلال بواجب عيني، بينما ترك الإنكار إنما هو إخلال بواجب كفائي.
على أن الأولى أن يتولى نصحها إحدى الأخوات الداعيات الناصحات، أو أن تلجأ إلى وسيلة من وسائل الإنكار غير المباشرة كإرسال المطويات أو الكتيبات الدعوية بالبريد. وينظر في الإنكار على الفتاة الأجنبية الملاحظة الخامسة من الفتوى رقم: 241018.
والله أعلم.