السؤال
بخصوص صلاة المسافر:
أولا: هل الأفضل في حق المسافر أن يتم الصلاة ولا يقصر، إذا صلى في جماعة فيها غير مسافرين في الحالتين: في حالة ما إذا كان مأموما، وفي حالة ما إذا كان إماما؟
ثانيا: هل يجوز للمسافر أن يجمع صلاتين (مثل: الظهر والعصر) فيقصر إحداهما، ولا يقصر الأخرى، خصوصا إذا صلى إحداهما في جماعة فأتمها، ثم أراد أن يجمع الصلاة الثانية معها، فصلاها منفردا فقصرها، وما حكم ذلك؟ وما هو الأولى - جزاكم الله تعالى خيرا-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقصر الصلاة الرباعية، والجمع بين مشتركتي الوقت -كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء- يشرعان إذا توفرت الشروط, والقصر أفضل للمسافر، سواء كان إماما، أم مأموما.
ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ومن يسوي من العامة بين الجمع والقصر، فهو جاهل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأقوال علماء المسلمين؛ فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقت بينهما، والعلماء اتفقوا على أن أحدهما سنة، واختلفوا في وجوبه، وتنازعوا في جواز الآخر فأين هذا من هذا. انتهى.
إلا أنه إذا اقتدى بمتم، وجب عليه إتمام الصلاة؛ لوجوب متابعة الإمام، والترابط بين الجمع في الحالات التي يشرع فيها، وبين قصر المسافر للصلاة، فلو أتم المسافر الظهر مثلا لكونه يصلي خلف إمام مقيم, فإنه يجوز له بعد ذلك أن يجمع معها العصر، ويقصرها أيضا, وإن كان الأفضل ترك الجمع عموما، والاقتصار على أداء كل صلاة في وقتها.
جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: إذا صلى المسافر صلاة الظهر مع جماعة مقيمين بدون قصر، هل يجوز له أن يجمع، ويقصر العصر أم يصلي العصر جمعا بدون قصر أم يصليها في موعدها؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: إذا كان الإنسان مسافرا، وصلى خلف إمام يتم، فإنه يجب عليه الإتمام سواء أدرك الصلاة من أولها، أم من آخرها، وإذا كان يريد أن يجمع، فإنه يجمع الصلاة بعد أن يقضي ما يجب عليه من الصلاة الأولى ويقصرها؛ لأن وجوب الإتمام عليه في الصلاة الأولى إنما كان من أجل ائتمامه بمن يتم، فإذا صلى وحده بعد انتهاء الصلاة الأولى، فإنه يقصر الصلاة. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قال الغزالي في البسيط، والمتولي في التتمة، وغيرهما: الأفضل ترك الجمع بين الصلاتين، ويصلي كل صلاة في وقتها، قال الغزالي: لا خلاف أن ترك الجمع أفضل بخلاف القصر، قال: والمتبع في الفضيلة الخروج من الخلاف في المسألتين، يعني خلاف أبي حنيفة، وغيره ممن أوجب القصر، وأبطل الجمع، وقال المتولي: ترك الجمع أفضل؛ لأن فيه إخلاء وقت العبادة من العبادة، فأشبه الصوم، والفطر. انتهى.
والله أعلم.