السؤال
أعطيت مبلغا من المال لأحد أصدقائي الذين يعملون بالتجارة بعد أن عرض علي أن يستثمر لي هذا المبلغ في التجارة مقابل حصوله على ثلث الربح وأكد لي أن المبلغ مضمون وأعطاني وصل أمانة بالمبلغ وطلب مني ألا أتدخل في إدارة هذا المال وأنه مسئول مسئولية كامله عن إعادة هذا المبلغ في حالة إذا ما طلبته منه في أي وقت أو في حالة حدوث أي خسائر إلا أنه وبعد فترة جاءني وأخبرني أنه قد أعطى المال لأحد التجار ليستثمره له إلا أن هذا التاجر قد خسر خسارة كبيرة ولا يستطيع رد المال نرجو من فضيلتكم توضيح حكم الدين في هذا الأمر ومن الذي يتحمل هذه الخسارة؟ علما بأن هذا الصديق لم يقدم لي أي أوراق أو حسابات تدل على أن هذا المال قد تم استثماره في التجارة ثم حدثت خسارة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الصورة التي هي إعطاء شخص مالا يتجر فيه مقابل جزء مشاع من الربح وهو ثلث الربح هنا، لا خلاف في جوازها، وتسمى: المضاربة، والعامل فيها أمين لا يضمن شيئا من المال إلا عند تعديه أو تفريطه، وفي حال الخسارة يخسر عمله فقط، أما خسارة المال فعلى رب المال.
وعليه، فشرط ضمان رأس المال في المضاربة شرط فاسد لا يجوز، وهو مفسد للعقد عند بعض الفقهاء.
وليس لصديقك أن يدفع المال إلى مضارب آخر إلا بإذنك، فإن دفعه إليه دون إذنك كان متعديا، ويلزمه ضمان المال حال تلفه أو نقصه.
وعليه، فإن كان صديقك قد دفع مالك إلى التاجر الآخر دون إذن منك فقد تعدى بذلك وكان ضامنا لمالك كله، وهذا ما ذهب إليه فقهاء المالكية، وذهب الشافعية إلى أن الضمان على العامل الثاني في حال علمه بأن المال ليس لصديقك وإنما لشخص تعامل معه بالمضاربة، وعند جهله بذلك يكون الضمان على الأول.
والحنفية والحنابلة على أن رب المال مخير في تضمين العامل الأول أو الثاني.
والذي يظهر لنا رجحاته هو ما ذهب إليه المالكية من تضمين العامل الأول، الذي هو صديقك هنا.
والله أعلم.