القول في نجاة أم النبي صلى الله عليه وسلم

0 155

السؤال

صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال عن أمه: واستأذنت ربي أن أستغفر لها، فلم يأذن لي. وقد سمعت من أحد العلماء قولا قال فيه: "إنه ليس في الحديث دلالة على أنها في النار" لكنه لم يبين كيفية قوله هذا, فهل للعلماء أقوال في شرح هذا الحديث؟ غير أنها في النار أو لا، وسؤالي ليس عن أهل الفترة، وهل لقول هذا العالم وجه أو سلف -جزيتم خيرا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فهذا الحديث المشار إليه أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة، قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى، وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي.

وهو دليل صريح على أن أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت في الشرك، وأنها من أهل النار، قال ابن الملك: لأنها كافرة، والاستغفار للكافرين لا يجوز؛ لأن الله لا يغفر لهم أبدا، وقال الشوكاني: فيه دليل على عدم جواز الاستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام، وقال النووي: فيه النهي عن الاستغفار للكفار. انتهى.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، واستدلوا بحديث لا يصح أن الله أحياهما له فآمنا به، والقائلون بنجاة الوالدين لهم وجوه من التأويل لهذا الحديث، وقد ذكرها السندي في حاشيته على ابن ماجه، وعبارته: لا يلزم من البكاء عند الحضور في ذلك المحل العذاب، أو الكفر، بل يمكن تحققه مع النجاة والإسلام أيضا، لكن من يقول بنجاة الوالدين لهم ثلاثة مسالك في ذلك، مسلك أنهما ما بلغتهما الدعوة، ولا عذاب على من لم تبلغه الدعوة؛ لقوله تعالى: وما كنا معذبين {الإسراء: 15} إلخ، فلعل من سلك هذا المسلك يقول في تأويل الحديث إن الاستغفار فرع تصور الذنب، وذلك في أوان التكليف، ولا يعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة، فلا حاجة إلى الاستغفار لهم، فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لأهل الدعوة، لا لغيرهم وإن كانوا ناجين، وأما من يقول بأنهما أحييا له صلى الله عليه وسلم فآمنا به، فيحمل هذا الحديث على أنه كان قبل الإخبار، وأما من يقول بمنع الاستغفار لهما قطعا، فلا حاجة إلى التأويل، فاتضح وجه الحديث على جميع المسالك. انتهى.

فإذا علمت هذا، فإن الصواب هو القول الأول، وهو ما دل عليه هذا الحديث الصحيح، وذهب إليه أكثر العلماء، وليس له معارض يصح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة