السؤال
لم نرب على خلق بر الوالدين، بمعنى أنه إذا أساء أحد إليهم فليس من خلقنا طلب السماح منهم، ونكون في حرج شديد إذا فعل أحد شيئا يغضبهم، وذهب لطلب السماح منهم، وخاصة مع الوالد؟
لم نرب على خلق بر الوالدين، بمعنى أنه إذا أساء أحد إليهم فليس من خلقنا طلب السماح منهم، ونكون في حرج شديد إذا فعل أحد شيئا يغضبهم، وذهب لطلب السماح منهم، وخاصة مع الوالد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإساءة للوالدين، وإغضابهما من أعلى درجات العقوق، والعقوق كما هو معلوم من أكبر الكبائر، وإذا كان الولد مأمورا بالإحسان إلى الوالدين، والرفق بهما، وخفض الجناح لهما، منهيا عن أن يقول لهما أي كلمة تؤذيهما، ولو كلمة أف، فالإساءة إليهما، وإغضابهما بأي طريقة عقوق بالأولى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.
وقد سئل الحسن -رحمه الله- عن الولد يحتسب على الوالد؟ قال: يعظه ما لم يغضب، فإن غضب سكت عنه. انتهى.
وعدم التربية على بر الوالدين ليس عذرا في الإساءة إليهما، ولا عذرا في عدم طلب العفو والمسامحة منهما، بل الواجب التوبة إلى الله من ذلك العقوق، والمبادرة إلى طلب العفو منهما، والبحث عن وسيلة لاسترضائهما، واستمالة قلبهما، قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}
قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أماه، من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته، إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. انتهى.
وقال تعالى : ووصينا الأنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} {لقمان:14}
وفي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، فهذه بعض النصوص الرادعة لمن أساء الأدب مع والديه، المحفزة لمن تقاعس عن طلب العفو منهما.
والله أعلم.