السؤال
سؤالي عن تخريج رواية رويت عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- جاءت في تاريخ دمشق لابن عساكر رحمه الله:
" ودخلت عليه مرة حفصة أم المؤمنين- رضي الله عنها- وقد رأت ما هو فيه من شدة العيش، والزهد الظاهر عليه، فقالت: إن الله أكثر من الخير، وأوسع عليك من الرزق، فلو أكلت طعاما أطيب من ذلك، ولبست ثيابا ألين من ثوبك؟ قال: سأخصمك إلى نفسك، فذكر أمر رسول الله، وما كان يلقى من شدة العيش، فلم يزل يذكرها ما كان فيه رسول الله، وكانت معه حتى أبكاها، ثم قال: إنه كان لي صاحبان، سلكا طريقا، فإن سلكت طريقا غير طريقهما، سلك بي غير طريقهما، إني والله سأصبر على عيشهما الشديد، لعلي أن أدرك معهما عيشهما الرخي. "
ما صحة الرواية وتخريجها؟
أحسن الله إليكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأثر أورده البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن حفصة بنت عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: قالت لأبيها: يا أمير المؤمنين، ما عليك لو لبست ألين من ثوبك هذا، وأكلت أطيب من طعامك هذا، قد فتح الله عليك الأرض، وأوسع الرزق؟ قال لها: أحاجك إلى نفسك، أما تعلمين ما كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة العيش. وجعل يذكرها أشياء مما كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبكاها، قال: قد قلت لك كان لي صاحبان سلكا طريقا، وإني والله لأشركتهما في مثل عيشهما الشديد، لعلي أدرك معهما عيشهما الرخي, يعني بصاحبيه: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر رضي الله عنه.
وقال: رواه إسحاق بن راهويه، والنسائي في الكبرى، وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له.
وعبد بن حميد، فذكره إلا أنه قال: وإني والله إن سلكت غير طريقهما سلك بي غير طريقهما. فإن كان مصعب سمعه من حفصة، فهو صحيح وإلا فهو مرسل صحيح الإسناد. اهـ.
وأورده أيضا الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة.
وفي كتاب (دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه) لعبد السلام بن محسن آل عيسى، بعد أن جمع الروايات الواردة في هذا المعنى.
قال: فهذه الطرق تثبت أصلا لخبر تكليم حفصة لعمر- رضي الله عنه- أن يلين من عيشه، وأن عمر- رضي الله عنه- رفض ذلك، ولامها على قولها، وذكرها بحال النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
والله أعلم.