السؤال
يراودني شك بأن من صدر منه كفر مازحا فليس بكافر؛ لأنني أعلم أن الله أرحم الراحمين، ولا يظلم مثقال حبة من خردل، والإنسان قد يقول كلاما فيه كفر، لكنه طوال حياته يفعل الخير لوجه الله، فهل من الممكن أن كل عمله الذي فعله لوجه الله يذهب هباء منثورا؟ أعلم أن الإنسان قد يقول كلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا، لكنه ـ بإذن الله ـ سيخرج، ولا يخلد في النار، فهل شكي يعد كفرا لأني كل يوم أتشهد وأقول: يا رب إنني أشهد أن الذي يصدر منه الكفر حتى لو كان مازحا فإنه كافر؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن نطق الإنسان بالكفر مازحا إنما يدل على استخفافه بالدين، وأنه غير معظم في قلبه، ومن كان شأنه مع الدين كذلك، فهو جدير بوصف الكفر، وانظري الفتويين رقم: 26193، ورقم: 246100، وهذا على تقدير نطقه بما هو كفر قطعا.
أما من صدر منه كلام يحتمل الكفر، وغيره، فهذا لا يحكم بكفره، ما لم يقصد بكلامه الكفر، قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 229270، وما أحيل عليه فيها.
ثم إنك ما دمت تكرهين تلك الشكوك وتدافعينها، فأنت على خير وإيمان، وانظري الفتويين رقم: 117523، ورقم: 181945.
إضافة إلى أن ما يقع من الموسوس من الشك في الكفر لا عبرة به؛ لأن من ثبت إيمانه بيقين فلا ينتفي عنه إلا بيقين.
والظاهر من أسئلتك أنك تعانين من الوساوس بشأن الكفر، فننصحك بالإعراض، والتلهي عنها، وترك الاسترسال معها حتى لا تزداد، فهذا من أهم وسائل التغلب عليها بعد الاستعانة بالله عز وجل، وراجعي لمزيد الفائدة عن الوسائل المعينة للتغلب عليها الفتويين رقم: 51601، ورقم: 70476.
والله أعلم.