السؤال
أرجو منكم الصبر علي، زوجتي تريد أن تهديني سلسلة فضية خاصة بالرجال، فقلت لنفسي قبل أن أوافق، سأتأكد من جوازها من عندكم، فوجدت أنكم أفتيتم أنها حرام بدليل:
1-أنها تشبه بالنساء
2-تشبه بالكفار
3-يمكن اتخاذها تمائم
أنا أرى حسب رأيي:
في الأولى: سلاسل الرجال مختلفة كليا عن النساء، ولو لبستها المرأة لأنكروا عليها ذلك.
في الثانية: لا يمكن الجزم بأن أول من لبسها هم الكفار، حتى لو ثبت من هم هؤلاء الكفار.
في الثالثة: ليس كل من يلبسها يعتقد فيها أنها تنفعه بشيء، فهي مجرد زينة، وبكل تواضع (أنا منهم -اللهم ثبتنا-).
وإذا أقنعتموني بحرمتها.
فما الزينة الشرعية للرجل؟
أرجو، وأرجو، وأرجو المعذرة، وأنا أنتظر الجواب!
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمنع الرجل من لبس سلسلة الفضة له سببان:
ـ سبب له تعلق بالعرف والعادة، وهو التشبه بالنساء في ما يختص بهن في الزي، والزينة. وقد اختلف أهل العلم هل يثبت ذلك في ما جرت به عادة أهل كل إقليم، أو يراعى فيه حال أكثر البلاد؟
فعلى الثاني: يحكم بالحرمة مطلقا؛ لأن عادة أكثر البلاد أن ذلك مختص بالنساء.
وعلى الأول: يختلف الحكم من بلد إلى بلد، بحسب اختصاص نساء أهله بلبس السلاسل.
وهنا ينبغي مراعاة أمر آخر، وهو أن لا يكون ذلك مما يشتهر به أهل الفسق، والخلاعة، والمجون؛ لأن التشبه بهؤلاء أيضا ممنوع.
وراجع الفتويين: 117331، 100521.
ـ وأما السبب الثاني: فهو كون السلسلة من الفضة، فإن جمهور أهل العلم حرموا التزين بالفضة للرجال فيما عدا الخاتم، وتحلية السيف، وشد الأسنان؛ وراجع في ذلك الفتويين: 6148، 21424.
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة): تحرم الفضة على الرجال لبسا إلا ما ورد به الدليل، كخاتم ونحوه، وتباح للنساء لبسا للتجمل والزينة، لحاجتهن إلى ذلك، وقد وردت الأدلة بذلك. اهـ.
وأما ما يتزين به الرجال. فقال القرطبي في تفسيره: قال العلماء: أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم، فإنهم يعملون ذلك على اللائق والوفاق، فربما كانت زينة تليق في وقت، ولا تليق في وقت، وزينة تليق بالشباب، وزينة تليق بالشيوخ، ولا تليق بالشباب ... وكذلك في شأن الكسوة، ففي هذا كله ابتغاء الحقوق ... وكذلك الكحل من الرجال منهم من يليق به، ومنهم من لا يليق به. فأما الطيب، والسواك، والخلال والرمي بالدرن، وفضول الشعر، والتطهير، وقلم الأظفار فهو بين موافق للجميع. والخضاب للشيوخ، والخاتم للجميع من الشباب والشيوخ زينة، وهو حلي الرجال على ما يأتي بيانه في سورة النحل. اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية): الأصل في التزين: الاستحباب؛ لقوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق.} وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أنعم الله عليه نعمة، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته عليه". ففي هذه الآية دلالة على استحباب لبس الرفيع من الثياب، والتجمل بها في الجمع، والأعياد، وعند لقاء الناس، وزيارة الإخوان.
قال أبو العالية: كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا. ...
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، تدل كلها على مشروعية التزين، وتحسين الهيئة ...
ولكل شخص زينته التي يتزين بها، فمثلا زينة الزوجة لزوجها في ملبسها، وحليها، وطيبها.
وزينة الرجل يوم الجمعة، والعيدين أن يلبس أحسن ثيابه، ويفضل البياض منها، ويتطيب ...
ولا خلاف بين الفقهاء في أنه يحرم على الرجال أن يتشبهوا بالنساء في الحركات، ولين الكلام، والزينة، واللباس وغير ذلك من الأمور الخاصة بهن عادة أو طبعا ...
وضبط ابن دقيق العيد ما يحرم التشبه بهن فيه: بأنه ما كان مخصوصا بهن في جنسه، وهيئته، أو غالبا في زيهن. اهـ.
والله أعلم.