السؤال
ورد في كتاب: الفقه على المذاهب الأربعة، في فرائض الغسل ص 106: "واتفقوا على وجوب تخليل الشعر إذا كان خفيفا يصل الماء إلى ما تحته من الجلد. أما إذا كان غزيرا فإن المالكية قالوا يجب أيضا تخليله، وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد. أما الأئمة الثلاثة فقالوا إن الواجب أن يدخل الماء إلى باطن الشعر، فعليه أن يغسله ظاهرا، ويحركه حتى يصل الماء إلى باطنه"
هل هذا صحيح؟
وكيف أوصل الماء إلى ظاهر الجلد؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالكلام المنقول عن الكتاب صحيح النسبة إليه، ولكن ما ذكره غير صحيح.
فقد قال النووي في شرح المهذب، وهو من الشافعية: وأما النية، وإفاضة الماء على جميع البدن شعره، وبشره فواجبان بلا خلاف، وسواء كان الشعر الذي على البشرة خفيفا، أو كثيفا يجب إيصال الماء إلى جميعه، وجميع البشرة تحته بلا خلاف، بخلاف الكثيف في الوضوء؛ لأن الوضوء متكرر، فيشق غسل بشرة الكثيف؛ ولهذا وجب غسل جميع البدن في الجنابة دون الحدث الأصغر. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: وغسل بشرة الرأس واجب، سواء كان الشعر كثيفا أو خفيفا، وكذلك كل ما تحت الشعر، كجلد اللحية، وغيرها؛ لما روت أسماء، أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل الجنابة، فقال: تأخذ ماء، فتطهر، فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء . وعن علي -رضي الله عنه -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء، فعل به من النار كذا وكذا. قال علي: فمن ثم عاديت شعري. قال: وكان يجز شعره. رواه أبو داود؛ ولأن ما تحت الشعر بشرة أمكن إيصال الماء إليها من غير ضرر، فلزمه كسائر بشرته. انتهى.
وفي الدر المختار من كتب الحنفية: (ويجب) أي يفرض (غسل) كل ما يمكن من البدن بلا حرج مرة كأذن و(سرة، وشارب، وحاجب و) أثناء (لحية) وشعر رأس ولو متبلدا لما في -{فاطهروا} [المائدة: 6] -من المبالغة.
قال صاحب الحاشية: (قوله: وشارب، وحاجب) أي بشرة، وشعرا وإن كثف بالإجماع كما في النية. انتهى.
وبه تعلم أن ما نقله هذا المصنف عن الثلاثة من أنه يجزئ غسل الشعر، ولا يجب إيصال الماء إلى البشرة، خطأ ظاهر، بل هم متفقون على وجوب إيصال الماء إلى البشرة، وذلك سهل يسير، وطريقه أن يخلل رأسه حتى يظن أنه قد أروى أصول بشرته، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والإسباغ يكفي فيه غلبة الظن ولا يشترط اليقين.
وتنظر الفتوى رقم: 133019 .
والله أعلم.