السؤال
من هم القوم الذين مر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى حنين، ولهم ذات أنواط؟
ولماذا لم يتوقف، ويدعوهم إلى التوحيد؟
وهل ذكر أنه عليه السلام دعاهم إليه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى الناس كافة، ولم يكن مثل موسى عليه السلام خاصا بقوم معينين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس في قصة ذات أنواط أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على هذه الشجرة والناس حولها عاكفون!! وإنما هي شجرة كانت معروفة من أيام الجاهلية، ولم تذكر الروايات أن أحدا كان عندها ساعة مر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}. والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
بل إن بعض رويات الحديث تفيد أنهم لم يمروا بهذه الشجرة بعينها، وإنما مروا بشجرة عظيمة ذكرتهم بها، ففي رواية للحديث عند أحمد: كان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة فقلنا .. ".
وجاء أيضا في بعض الروايات أن العرب إنما كانت تأتي هذه الشجرة يوما واحدا في السنة، ففي رواية ابن إسحاق: كانت كفار قريش، ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء يقال لها (ذات أنواط) يأتونها كل سنة، فيعلقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعكفون عليها يوما، قال: فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة، فتنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله؛ اجعل لنا ذات أنواط ..".
وكذلك في رواية الواقدي في مغازيه.
وقال ابن عبد البر في (الدرر في اختصار المغازي والسير): وفي مخرجه هذا ـ يعني إلى حنين ـ رأى جهال الأعراب شجرة خضراء، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة تسمى ذات أنواط، يخرج إليها الكفار يوما معلوما في السنة يعظمونها، فقالوا: يا رسول الله؛ اجعل لنا ذات أنواط .. ".
والمقصود أن المنكر الحاصل في هذه القصة ليس في عكوف قوم وإشراكهم عند هذه الشجرة بالفعل، وإنما كان في قول من قال: "اجعل لنا ذات أنواط ..". وهذا قد أنكره النبي صلى الله عليه وسلم، وبين ما فيه من الانحراف والخطأ.
والله أعلم.