موقف المسلم عند اختلاف العلماء في تصحيح حديث وتضعيفه

0 236

السؤال

هناك بعض الأحاديث، وخاصة في ‏باب فضائل الأعمال عامة، والذكر ‏خاصة مختلف في صحتها، فمن ‏العلماء من يصححها، ومنهم من ‏يضعفها. وقد اطلعت على ذلك في ‏موقع الدرر السنية، وممن يصحح ‏هذه الأحاديث على سبيل المثال ابن ‏حجر، والسيوطي، والحاكم، ‏والوادعي، وابن باز وغيرهم.‏
‏ فهل نأخذ بقول هؤلاء العلماء في ‏تصحيح الحديث، ونترك قول الألباني ‏وغيره من المتأخرين، كما في أحاديث ‏أذكار الصباح، والمساء، ومنها: ‏حسبي الله لا إله إلا هو - أواخر سورة ‏الحشر - فسبحان الله حين تمسون - ‏أصبحت أشهدك. وغير ذلك؟
نرجو ‏الإفادة تفصيلا.‏
‏ وجزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 في البداية ننبه إلى أن أذكار المساء والصباح لا حرج في العمل فيها بالأحاديث الضعيفة؛ فقد نص كثير من أهل العلم على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال إذا كان مندرجا تحت أصل، ولم يكن شديد الضعف. وانظر في ذلك الفتاوى أرقام: 22928519651- 13202.
أما بالنسبة لكيفية العمل - على وجه العموم - إذا وجد تعارض بين تصحيح، وتضعيف؟

فالجواب: أن ذلك يكون بحسب المستوى العلمي للشخص، فمن كان من أهل العلم، أو طلبته المميزين ممن له قدرة على الترجيح بين أقوال أهل العلم، اجتهد، وعمل باجتهاده. ومن كان دون ذلك فإنه يقلد الأوثق لديه؛ وراجع الفتوى رقم: 9224.

ولمزيد الفائدة نود أن نضيف أن الأئمة الذين تصدوا للجرح والتعديل قديما وحديثا لم يكونوا في درجة واحدة في التعامل مع الرواة، فمنهم المتشدد، ومنهم المتساهل، ومنهم من كان بين هذا وذاك؛ ولذا ينبغي لمن يتصدى للترجيح بين آرائهم أن يلاحظ ذلك.

يقول الإمام الذهبي رحمه الله: قسم منهم متعنت في الجرح، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويلين بذلك حديثه، فهذا إذا وثق شخصا، فعض على قوله بناجذيك، وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه؟ فإن وافقه، ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه: لا يقبل تجريحه إلا مفسرا، يعني لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلا: هو ضعيف، ولم يوضح سبب ضعفه، وغيره قد وثقه، فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه، وهو إلى الحسن أقرب. وابن معين، وأبو حاتم، والجوزجاني، متعنتون.

وقسم في مقابلة هؤلاء، كأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي بكر البيهقي، متساهلون. وقسم كالبخاري، وأحمد بن حنبل، وأبي زرعة، وابن عدي، معتدلون منصفون. اهـ.

ويقول الشيخ محمد أبو شهبة- رحمه الله- في كتابه الوسيط في علوم ومصطلح الحديث: أما المتشددون، والمتساهلون فلا يؤخذ كلامهم قضية مسلمة حتى ينظر أوافقه غيره أم لا؟ وعلى أي أساس بنى نقده؟ أما المتوسطون المعتدلون، فكلامهم أقرب إلى الحق، وأولى بالقبول.

ثم قال في موضع آخر: أما المتسامح، المتساهل فلا يؤخذ قوله في الجرح والتعديل إلا بعد البحث، والتحري، وموازنة كلامه بكلام الأئمة المعتدلين، المتثبتين. وقد أخذ العلماء على الحاكم أنه متساهل في التصحيح، كما أخذوا على ابن حزم التهجم على العلماء بغير حق، والتساهل في الجرح. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة