مذاهب العلماء في إجارة عقار لأجانب تقع منهم معاصي وفجور

0 161

السؤال

هل يجوز تأجير شقتي لأجانب أعلم أنهم سيشربون فيها الخمور وسيلعبون القمار، مع العلم أن المنطقة غالبية المستأجرين فيها أجانب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتأجير الشقة لغير المسلم ليسكن فيها أو ينتفع بها انتفاعا مباحا، مع العلم أنه ستقع منه معصية وفجور كشرب خمر أو لعب قمار أو نحو ذلك مما اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من منع ذلك أو كرهه، لما فيه من إعانة الفاسق أو الكافر على معصيته، ومن أهل العلم من أجاز ذلك ما دام العقد على منفعة مباحة أو مطلقة، قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة فصل إجارة دار المسلم لأهل الذمة بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في المسالة: ... قال شيخنا ـ أي شيخ الإسلام ابن تيمية ـ وهذا الخلاف عندنا والتردد في الكراهة هو إذا لم يعقد الإجارة على المنفعة المحرمة، فأما إن أجره إياها لأجل بيع الخمر أو اتخاذها كنيسة أو بيعة لم يجز، قولا واحدا، وبه قال الشافعي وغيره، كما لا يجوز أن يكري أمته أو عبده للفجور ـ ثم قال ناقلا عن  طائفة من الفقهاء: قالوا: إذا غلب على ظنه أن المستأجر ينتفع بها في محرم حرمت الإجارة له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن عاصر الخمر ومعتصرهاـ والعاصر إنما يعصر عصيرا لكن إذا رأى أن المعتصر يريد أن يتخذه خمرا أو عصيرا استحق اللعنة، وهذا أصل مقرر في غير هذا الموضع، لكن معاصي الذمي قسمان:

أحدهما: ما اقتضى عقد الذمة إقراره عليها.

والثاني: ما اقتضى عقد الذمة منعه منها أو من إظهارها.

فأما القسم الثاني: فلا ريب أنه لا يجوز على أصل أحمد أن يؤاجر أو يبايع إذا غلب على الظن أنه يفعل ذلك كالمسلم وأولى.
وأما القسم الأول: فعلى ما قاله ابن أبي موسى: يكره ولا يحرم، لأنا قد أقررناه على ذلك، وإعانته على سكنى هذه الدار كإعانته على سكنى دار الإسلام، فلو كان هذا من الإعانة المحرمة لما جاز إقراره بالجزية، وإنما كره ذلك، لأنه إعانة من غير مصلحة لإمكان بيعها من مسلم بخلاف الإقرار بالجزية فإنه جاز لأجل المصلحة، وعلى ما قاله القاضي: لا يجوز لأنه إعانة على ما يستعين به على المعصية من غير مصلحة تقابل هذه المفسدة، فلم يجز بخلاف إسكانهم دار الإسلام فإن فيه من المصالح ما هو مذكور في فوائد إقرارهم بالجزية. انتهى. 

ومهما يكن من أمر، فالأسلم لك أن لا تؤجر شقتك لهؤلاء ما دمت تعلم أنهم يفعلون ما ذكرت.  

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة