السؤال
أنا مقيم في فرنسا لتعلم الطب، وهنا في فرنسا يقومون بعمليات لزراعة الأعضاء من الميت دماغيا، وممن توقف قلبه أو تنفسه، أو فقد الوعي لمدة معينة، والمشكلة هي أنني أعاني من الوسواس في المحرمات في الطب، فقد أصبحت أرى الحرام في كل مكان في الطب، والذي بسبه تدهورت دراستي، فبعد أن كنت من الأوائل أصبحت الآن أعيد السنة، فلم أعد أستطيع أن أفتح كتابا واحدا، والأطباء هنا مجمعون تقريبا على أن الموت الدماغي موت، أما في ما يخص من توقف قلبه وتنفسه وفقد الوعي: فإن المجمع الطبي الفرنسي قد حكم بأن هناك خطوات يجب اتباعها، فإذا فشلت فإنه يمكننا الحكم بأن الإنسان قد مات، والسؤال هو: أنا في شك من موت هؤلاء، لكنني أظن أنهم ميتون، وهناك شك يراودني من هذا وأخاف أن أقتل إنسانا لذا، أرفض أن أشارك في نزع الأعضاء، لكن بحكم المهنة لا أستطيع أن أرفض المشاركة في وضع العضو المنزوع في المريض، لأن رفضي قد يؤدي إلى أن أفصل من الدراسة أو أعيد السنة، وإذا مات إنسان عندها فسأعاقب بالسجن وغرامة مالية، فهل تجوز لي هذا المشاركة في وضع العضو المنزوع في المريض؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتردد السائل في الحكم بالوفاة على الميت دماغيا، له فيه ما يبرره، فقد اختلف أهل العلم المعاصرون في ذلك، فإن كانت الجهة المسئولة وأطباء البلد الذي أنت فيه مجمعون على اعتباره وفاة، فلا نرى عليك من حرج في مشاركتهم في زراعة أعضاء الموتى موتا دماغيا، فقد ذهب إلى ذلك طائفة من علماء المسلمين، وبرأي هؤلاء أخذ مجمع الفقه الإسلامي حيث قرر اعتباره وفاة شرعية، بشرط تعطل جميع وظائف الدماغ تعطلا نهائيا، وأن يحكم الأطباء المختصون بأن هذا العطل لا رجعة فيه، ويأخذ دماغه في التحلل، وراجع الفتوى رقم: 19923.
وأما من توقف قلبه وتنفسه تماما، فهذا ميت موتا حقيقيا، ولا داعي للشك أو الوسوسة في حصول وفاته، ولا سيما والمجمع الطبي عندكم يأخذ بخطوات يجب اتباعها لإمكان الحكم بالوفاة.
ثم إننا نلفت نظر السائل إلى أن الوسوسة مكيدة من مكايد الشيطان، يتوسل بها إلى الإضرار بالمسلم في دينه ودنياه، فأعرض عنها ولا تلتف إليها، واستعذ بالله من شرها، واستعن بالله واحرص على ما ينفعك.
والله أعلم.