السؤال
ما الحكم إذا عاهدت الله على طاعة ليست مقيدة بوقت ونسيت عهدي تارة وفترت همتي تارة.. وكان العهد مع الله على ألا أترك عمل الخير لأرتقي به، ولا أقصر في أعمال البر لأرتقي, وكما هو واضح فإن هذا ليس محددا بعمل معين أعمله فأفي، أو أتركه فأحنث، وعهدي لا أريد تركه، فهل نسياني للعهد تارة وتقصيري في بعض الأحيان مع عدم قصد الحنث وترك العهد, تلزمني منه كفارة؟ فقد علمت أن العهد يمين ونذر على اختيار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وهل إذا لزمتني من التقصير الذي كان مني كفارة, أكون قد نقضت العهد كلية أم ما زال قائما؟ وهل أدخل في قوله سبحانه: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان اختلاف أهل العلم في عهد الله وأقوالهم في ذلك، فانظرها مفصلة في الفتوى رقم: 29746، وقد رجحنا فيها أن تلك العبارة تارة تكون يمينا ونذرا وتارة تكون يمينا فقط، فإن التزم بها الشخص قربة فهي نذر ويمين، وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر.
وعليه، فالواجب أن تحافظ على الطاعة التي عاهدت الله عليها وفاء بعهدك ونذرك، فإذا قصرت في ذلك ولم تستطع الوفاء لزمتك كفارة يمين، وهي مبينة في الفتوى رقم: 2053.
ثم إن هذا العهد ينحل بأول حنث فيه وتلزم كفارة واحدة، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 236884.
وأما قولك: وهل أدخل في قوله سبحانه: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه؟ فالجواب أنه لا شك أن هذا النوع من عهد الله لازم يتحتم الوفاء به ويأثم من نقضه لغير عذر، لكن لا يظهر أن النقض هنا يدخل في حكم الآية الكريمة التي أشرت إليها، لأنها جاءت وصفا للكفار المعترضين على ضرب الله سبحانه وتعالى الأمثال في القرآن، وقد فسر العهد فيها بتفسيرات أشمل من محل السؤال، قال القرطبي في تفسيره: واختلف الناس في تعيين هذا العهد، فقيل: هو الذي أخذه الله على بني آدم حين استخرجهم من ظهره، وقيل: هو وصية الله تعالى إلى خلقه، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه على ألسنة رسله، ونقضهم ذلك ترك العمل به، وقيل: بل نصب الأدلة على وحدانيته بالسماوات والأرض وسائر الصنعة هو بمنزلة العهد، ونقضهم ترك النظر في ذلك، وقيل: هو ما عهده إلى من أوتي الكتاب أن يبينوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يكتموا أمره... إلى أن قال: وظاهر ما قبل وما بعد يدل على أنها في الكفار. اهـ.
والله أعلم.