العدل بين الزوجتين وحرمة امتناع المرأة عن المقام مع زوجها حيث يقيم

0 221

السؤال

موضوعي الذي أريد أن أطرحه للفتوى ليس بسيطا، وسأختصر دون شرح طويل: أنا زوجة، وعندي اكتئاب عصبي، وحديث نفس، وتفكير، وأعالج منذ سنين، والأطباء يقولون: إن استعدادي للدواء والعلاج رائع، لكن تعوقه ظروفي الحياتية، والكبيران من أولادي الأربعة الذكور لديهم بعد تشخيص الأطباء فرط حركة، ويعني هذا الداء: اندفاعية، وحركة دؤوبة، ومشاكسة، وتمللا، والثالث عنيد للغاية، والرابع عصبي وحركي، وأوصافهم كالتالي: عنيف جدا، مراهق، متمرد، قوي البنية.
الثاني: عنيد جدا، ضعيف البنية، ولكنه الأكثر ذكاء، وأذكر هذا لأصف لكم المعارك الطاحنة في غياب أبيهم، وينتج عنها خدوش، وكسور، وجروح في غياب أبيهم، وأعاني من ضغط رهيب، وأكد الطبيب أن أحوالهم ستكون أهدأ بكثير لو أن ظروفهم الحياتية جيدة، وكنت قد مررت مع زوجي هذا بمحن شديدة، بين زوجة أبيه التي تناصبنا العداء، وبين أمه المطلقة الماكرة التي تريد الاستحواذ، والسيطرة، ومحاربة أبيه، والوقيعة بيني وبين زوجي، والكيد لي لعدم انطوائي تحت جناحها في الباطل في مشاكلها، ولدافع الغيرة عندها، رغم محاولتي التقرب منها، وكسبها، ومعاناتي من زوجي المتعلق بأمه الاستعطافية التي تفيض حنانا ورقة معه فقط، فهي بوجهين، وهي تستخدم هذه الأساليب بالإضافة إلى أنها مفوهة، وممثلة بارعة، تستخدمها للسيطرة، وتوجيه تحركاتنا، حتى لو كانت ضد مصالحنا، والتي أوقعتنا في كثير من المشاكل، والعنت لي، وحاولت أن ألمح لزوجي بعد يأسي من صلاح الحال، ولما وجدته منساقا لها انسياقا يؤذيني، فكم بدمعتين منها نقم علي، وظلمني؟ وتحملت محنة اعتقاله ثلاث سنوات، فيها سفر أسبوعي، ومشقة إيصال الأكل له، وخرج من معتقله وازدادت فنون أمه في الوقيعة، والإفساد، وصنع الاختلافات، فهي مبدعة في تمثيلها، مفوهة جدا، وهو عاطفي، يستمال بدموعها، واستطاعت الكيد لي، وتزويجه بواحدة، وقد صدم كل محيطنا من فعلته؛ لنظرتهم لي بالمثالية في كل شيء، وللفارق الكبير بيني وبين الأخرى، واستطاعت أم زوجي تشكيك الناس في، وفي صلاحي، ونظافتي، وتديني، وغيره، فتشكك البعض، وانصرف عني، وتغيرت معاملته، وقد حدث الانقلاب، وسافر زوجي إلى قطر، واستدعى الأخرى التي لم تنجب إلى الآن منذ 7 سنوات، واحتج بمدارس أولادنا، وكانت الضغوط شديدة على أولادي من كلام الناس لتمسكه بها، وتركه أولاده، واسترخاص البعض لنا، وانقطاع المياه، وشبكات الهاتف، وانقضت فترة المدارس، واستدعانا ورجعت هي، وهو الآن يريد استقدامنا جميعا بعد أن يعوضني 5 شهور، وأنا أرفض اجتماعي بها في نفس البلد؛ لعامل الغربة الذي أضيف للمعادلة، فنفسيتي ونفسية أولادي لا تحتمل، ومعاناتي تتمثل في الآتي: غربة، ووجود أخرى، وشعور بالصراع، وتآمر حماتي مع الثانية ضدي لمحاولة التخلص مني، وتكريهه لي، وشعوري بكلام المحيطين، والاكتئاب، والتفكير، وضغوط الأولاد، وسؤالي: من المفترض أن أمكث 5 شهور عنده، فهل يمكن أن تكون 9 شهور، ثم أرجع وتأتي هي 9 شهور؟ ولو سافرت رفضا لوضع ممرض يريد أن يضعني فيه، ولم أعد أستطيع الاحتمال، فهل أكون بهذا قد أسقطت حقي؟ وما حكم الشر ع في رفض طلاقي بسبب تعريضي لعنت شديد يعوق شفائي، وممارستي الحياة بصورة طبيعية -جزاكم الله خيرا-؟

الإجابــة

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يشفيك من كل داء يؤذيك، وأن يفرج عنك الهم، والغم، والكرب، ونوصيك بالصبر، فهو مفتاح كل خير، وبه يتسلى المؤمن والمؤمنة إذا حل البلاء، وراجعي في فضله الفتوى رقم: 18103، وعليك بالالتجاء إلى الله، والاحتماء بجنابه، فهو مجيب دعوة المضطر، وكاشف الضر، قال تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم {يونس:107}، وهنالك أدعية تناسب المقام الذي أنت فيه، وهي مضمنة في الفتوى رقم: 70670.

 وقد أمر الشرع الزوج بأن يحسن عشرة زوجته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 63932، وكذلك الحال بالنسبة للأصهار، فينبغي أن يكون الأمر بينهم على أفضل حال، وتراجع الفتوى رقم: 65047، فإن كان الواقع ما ذكرت، فكل من زوجك، وأمه مسيء في تصرفاته تجاهك، وينبغي مناصحة كل منهما بالحسنى، وتخويفه بالله تعالى، وأليم عقابه، ولا يلزم أن يكون النصح من قبلك، فيمكن الاستعانة ببعض الفضلاء، إن رجي أن يكون في ذلك مصلحة.

 ويجب على زوجك العدل بينك وبين زوجته الأخرى، ولا بأس في الاتفاق على ما ذكر في السؤال من أن يكون قدومكما عليه بالتناوب مدة محددة لكل منكما.

وإذا امتنعت المرأة عن المقام مع زوجها حيث يقيم، فإنها ناشز، يسقط حقها في القسم بينها وبين الزوجة الأخرى، إلا أن يكون لها عذر في ذلك، ومجرد الضغوط النفسية لا تبيح لك ترك الزوج، والرجوع إلى بلدك بغير إذنه.  

 وأما قولك: "وما حكم الشرع في رفض طلاقي..." إن كان المقصود رفض زوجك طلاقك، وقد طلبت الطلاق منه، فإن كان هنالك ما يسوغ لك طلب الطلاق، كالضرر، فلا حرج عليك في طلب الطلاق، ويستحب له إجابتك إليه، فإن لم يفعل فارفعي أمرك إلى القاضي الشرعي؛ ليزيل عنك الضرر، ويطلقك منه، ولو في مقابل عوض تدفعينه إليه، وراجعي الفتوى رقم: 28764.

 وننبه إلى أنه مهما تضررت المرأة من زوجها، فقد لا تكون المصلحة في الطلاق دائما، فينبغي التريث في الأمر، ومشاورة الثقات الناصحين فيه. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة