السؤال
كنت قد ناقشت أخي في استحلال بعض البرامج الدينية والثقافية المقدمة من قبل بعض المشايخ والدعاة، والتي تشتمل على موسيقى في شارات البداية والنهاية، وفي الفواصل، وفي بعض الأحيان على نساء أيضا، فقال لي بما معناه بأن المشايخ أصبحوا في زمن يواجهون به شباب لا يصلون الصلوات، ويريدون بهم أن يقربوهم إلى الدين وإلى سماع الكلام الطيب بعرض وموسيقى تضاهي ما يرونه في غيره، لكي يهتدوا، لأن نظرتهم إلى المشايخ المتشددين عالقة في عقولهم، ولن يستمعوا إليها إلا إذا ظهر بعض المتساهلين، ثم يصلون بعدها إلى الوسطية الصحيحة في علمائنا الكبار.
وكنت قد أختلف معه لأني رأيت التساهل في أمور قطعية كهذه ستخلط عليهم الأحكام الشرعية، وقد تتعمق الفجوة أكثر لما قد يسمعونه في زعمهم بأن التساهل في الموسيقى حلال، فما رأي مشايخنا في إسلام ويب لفض النزاع في هذه الشبهات؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن السعي إلى هداية أناس بعيدين عن الدين من المقاصد الحسنة، ولكن هذا المقصد له وسائل شرعية يمكن تحصيله بها، دون حصول محظور شرعي كسماع المعازف المحرمة، وراجع في تحريمها الفتويين: 130531 ، 54316 ، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 155991 ، 5764 ، ومن النافع هنا أن يطلع السائل على جواب شيخ الإسلام ابن تيمية حيث: سئل عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك. ثم إن شيخا من المشايخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلا أن يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية، وهو بدف بلا صلاصل، وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة، فلما فعل هذا تاب منهم جماعة، وأصبح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات، ويؤدي المفروضات، ويجتنب المحرمات. فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه لما يترتب عليه من المصالح ؟ مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، أصل جواب هذه المسألة وما أشبهها أن يعلم أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيد، وأنه أكمل له ولأمته الدين كما قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ـ إلى أن قال رحمه الله ـ : إذا تبين هذا فنقول للسائل: إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعون على الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي يدل أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة، أو عاجز عنها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية ... اهـ، ثم فصل ـ رحمه الله ـ الكلام في أكثر من عشرين صفحة، يمكنه مطالعتها بطولها في (مجموع الفتاوى 11 / 620 : 640)، وتجده على مكتبتنا من خلال هذا الرابط:
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=22&ID=&idfrom=1236&idto=1237&bookid=22&startno=1 .
والله أعلم.