الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغناء والمعازف.. هل التحريم محل إجماع

السؤال

هل يعتبر الغناء بالمعازف من المسائل الخلافية المستساغ الخلاف فيها؟ وقد سمعت أحد الشيوخ يحكي الإجماع على تحريمها ثم وجدت رسالة للإمام الشوكاني بعنوان بطلان الإجماع على تحريم السماع ترد هذا الإجماع روى فيها عددا من الأدلة المروية عن الصحابة والتابعين فأرجو التبيين الشافي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالغناء عند أهل العلم أنواع، ولكل نوع حكمه من الحل أو الحرمة، وأما آلات اللهو والمعازف ـ الموسيقى ـ فقد حكى الإجماع على تحريمها جماعة من العلماء، منهم الإمام القرطبي وأبو الطيب الطبري وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي وابن القيم وابن حجر الهيتمي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 126078، وما أحيل عليه فيها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ... ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا، إلا أن بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي ذكر في اليراع ـ يعني الزمارة التي يقال لها الشبابة ـ وجهين، بخلاف الأوتار ونحوها، فإنهم لم يذكروا فيها نزاعا، وأما العراقيون الذين هم أعلم بمذهبه وأتبع له فلم يذكروا نزاعا لا في هذا ولا في هذا، بل صنف أفضلهم في وقته أبو الطيب الطبري شيخ أبي إسحاق الشيرازي في ذلك مصنفا معروفا، ولكن تكلموا في الغناء المجرد عن آلات اللهو: هل هو حرام، أو مكروه، أو مباح؟ وذكر أصحاب أحمد لهم في ذلك ثلاثة أقوال، وذكروا عن الشافعي قولين، ولم يذكروا عن أبي حنيفة ومالك في ذلك نزاعا. اهـ.

وقال الشيخ ابن باز: إن تزويد الإذاعة بالأغاني والطرب وآلات الملاهي فساد وحرام بإجماع من يعتد به من أهل العلم، وإن لم يصحب الغناء آلة اللهو فهو حرام عند أكثر العلماء. اهـ.

وللشيخ الألباني رسالة جامعة نافعة في تحريم آلات الطرب، سماها: (الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا، على ابن حزم ومقلديه المبيحين للمعازف والغناء، وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة ودينا).

ومما قال فيها: أما الأقوال التي نقلها الشوكاني مما سبقت الإشارة إليه ووعدنا بالكلام عليها فالجواب من وجهين:

الأول: أنه لو صحت نسبتها إلى قائلها .. فلا حجة فيها لمخالفتها لما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة الدلالة.

والثاني: أنه صح عن بعضهم خلاف ذلك، فالأخذ بها أولى، بل هو الواجب، فلأذكر ما تيسر لي الوقوف عليه منها... ثم أسند ذلك عن شريح القاضي وسعيد بن المسيب والشعبي ومالك بن أنس. ثم قال: هذا وفي بعض الأقوال التي ذكرها الشوكاني ما قد يصح إسناده ولكن في دلالته على الإباحة نظر من حيث متنه ... والخلاصة: أن العلماء والفقهاء - وفيهم الأئمة الأربعة - متفقون على تحريم آلات الطرب؛ اتباعا للأحاديث النبوية والآثار السلفية، وإن صح عن بعضهم خلافه فهو محجوج بما ذكر، والله عز وجل يقول: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. {النساء : 65}. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني