السؤال
قبل أكثر من سنتين، تمت خطبة أختي، وكانت أمي، وأختي، وخطيبها يجلسون في غرفة واحدة، في طابق آخر.
أثناء مروري بهما، لم أجد أمي معهما، أو أبي "وكان معهم أيضا " والخطيب، وأختي على وشك التقبيل، وغضبت، وحدث ما حدث.
الزوج لا يصلي أبدا، وقد عارضت الزواج، لكن القرار كان بيد الأهل "والوالد لا يصلي هو الآخر" المهم من وقت تلك الحادثة تبرأت منهم، لا أتكلم معهم، ولا أنظر إليهم، ولا أجلس مع أي منهم.
الذي يهمني هو ثلاثة أمور:
1-قضية تكفير تارك الصلاة تكاسلا، مثل قول الشيخ محمد بن عثيمين، والأحاديث: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" و "إن بين الرجل وبين الكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة" لماذا هناك اختلاف في تكفير من ترك الصلاة تكاسلا في ضوء هذه الأحاديث؟
الأمر الثاني ما حكم القطيعة: لا أريد أن أذهب لجهنم بسبب أناس مثلهم، مع العلم أن الزوج لا يصلي أبدا، والزوجة "أختي سابقا" لا تصلي، إلا في المناسبات مثل المسيحية، و"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان عطاءه. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، والرجلة"
2-ما حكم القطيعة وهل أستمر أم أصل "مع تفضيلي للاستمرار على القطيعة، لكن الأمر ليس بيدي"
3-ما حكم أعمالي: الصلاة، الصدقة. خلال فترة القطيعة سنتين وأكثر؟
وجزاكم الله خيرا، وجعل ما تقدمون في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم نظر الخاطب إلى مخطوبته، وجلوسه معها، ومنع خلوته بها قبل العقد في الفتوى رقم: 19822، والفتوى رقم: 14360، والفتوى رقم: 33238
وأما ترك الصلاة: فهو من أعظم الكبائر -والعياذ بالله تعالى- بل قيل بكفر تاركها ولو كان غير جاحد، على تفصيل ذكرناه في فتاوى عدة، سنحيلك على بعضها في آخر الفتوى.
وأما عن سبب الخلاف: فهو حمل من لم يكفروه نصوص التكفير على أن المراد بها كفر دون كفر، أو أنه شارك الكافر في بعض أحكامه، واحتجوا بأن سلف الأمة كانوا يورثون ويغسلون تارك الصلاة، ويصلون عليه.
قال النووي في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلا، مع اعتقاده وجوبها: فمذهبنا المشهور ما سبق، أنه يقتل حدا ولا يكفر، وبه قال مالك، والأكثرون من السلف، والخلف؛ وقالت طائفة: يكفر، ويجري عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، وبه قال ابن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق. وقال الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وجماعة من أهل الكوفة، والمزني: لا يكفر، ولا يقتل، بل يعزر، ويحبس حتى يصلي.. إلى أن قال: ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة، ويورثون عنه، ولو كان كافرا لم يغفر له، ولم يرث، ولم يورث. وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر، وبريدة، ورواية شقيق، فهو: أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه، وهو وجوب القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع، وقواعده التي ذكرناها، وأما قياسهم، فمتروك بالنصوص التي ذكرناها. والجواب عما احتج به أبو حنيفة، أنه عام مخصوص بما ذكرناه، وقياسهم لا يقبل مع النصوص، فهذا مختصر ما يتعلق بالمسألة. والله أعلم. انتهى.
وأما هجران تارك الصلاة، أو المتهاون بها مثل هجران أصحاب المعاصي، والفسق، فمطلوب شرعا, سواء كانوا أقارب، أو أصدقاء أو غيرهم باستثناء الوالدين, إلا أن أهل العلم قرروا أن ذلك منوط بالمصلحة والفائدة، فإذا تحقق، أو غلب على الظن أن الهجر أنفع, كان هو الأولى.
وعلى هذا, فإن لم يكن للهجران والمقاطعة هنا فائدة فلتستمر في مواصلة هؤلاء، وتذكيرهم بخطر ترك الصلاة، والتهاون بها, وتخويفهم من عذابه تعالى، وعقابه في الدنيا والآخرة, ودعوتهم إلى الالتزام بأعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين، وحاول أن تقنع والدك بأن يكون عونا لك على هدايتهم، ونهيهم عن المنكر. وذكره بالله، وذكره بعرضه، وعرض ابنته، وأن مثل هذا التساهل معها قد يؤدي به إلى حساب عسير في الآخرة، كما في الصحيحين، واللفظ للبخاري: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. وفي الحديث: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وانظر الفتوى رقم: 46677. والفتوى رقم: 218326
ولبيان كيفية دعوة تارك الصلاة وحكمه راجع الفتاوى التالية أرقامها:45080,1145,139732، 25458.
واعلم أن التقاطع بين الأرحام لغير مسوغ شرعي، لا يمنع قبول العمل الصالح، ولكن لا تحصل لهم المغفرة التي تعطى يوم الاثنين والخميس حتى يصطلحوا؛ ففي حديث مسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. انتهى.
والله أعلم.