السؤال
أعاني من مشكلات مع أخوات زوجي وأخيه، ونحن تقريبًا في حالة قطيعة. أرغب في الاتصال بهم، وطلب السماح، والسعي إلى الصلح، لكن زوجي يمنعني من ذلك. فهل أطيعه، أم أتواصل معهم دون علمه؟ أفيدوني؛ لأن المشكلات تتفاقم، والنفور بين زوجي وأخيه يزداد، ولعل هذا الحل يكون نافعًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينّا في فتاوى سابقة أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها في غير معصية، كما في الفتوى: 130355، وذكرنا فيها أن بعض الفقهاء يقيّد وجوب الطاعة فيما يتعلق بالنكاح وتوابعه، ولا شك أن هجر المسلمة لأخواتها المسلمات معصية إذا زاد على ثلاثة أيام، لحديث: لَا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وهذا الحديث يشمل المسلمة أيضًا، فلا يحل لها أن تهجر أختها المسلمة فوق ثلاث، وقد استدل به بعض الصحابة على عائشة -رضي الله عنها- حين هجرت ابن أختها عبد الله بن الزبير في خصومة بينهما، فاستجابت -رضي الله عنها- وكلمته، والقصة في صحيح البخاري وغيره، وجاء في الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم للهرري الشافعي: لا (يحلُّ لمسلم) ولا مسلمة (أن يهجر) ... إلخ.
وعليه؛ فينبغي لك أن تقطعي هذا الهجر الذي بينك وبين أخوات زوجك، وأن تتواصلي معهن ولو بأقل ما ينقطع به الهجر من السلام، والسؤال عن الحال، ويتأكد هذا إن كان لهن مظلمة عندك من غيبة ونحوها، فبادري حينئذ إلى طلب العفو منهن، ولا إثم عليك في مخالفة أمر زوجك، إلا إذا علمتِ أنه قد يترتب على التواصل معهن ضرر عليك في حياتك الزوجية، فإنه ربما تكون لك رخصة في عدم التواصل معهن.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يُوَلِّدُ (بِهِ) على نفسه مَضَرَّةً في دينه أو دنياه، فإن كان ذلك، فقد رخص له في مجانبته وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خير من مخالطة مؤذية. اهـ.
وأمّا أخو زوجك فإنه رجل أجنبي عنك، ولا تطالبين شرعًا حتى بالتواصل معه، أو السلام عليه، حتى قال بعض الفقهاء: إن المرأة لا تسلم على الرجل الأجنبي عنها، ولا ترد سلامه، كما بيناه في الفتوى: 119252.
وإن كان له مظلمة عندك كغيبة ونحوها، فيمكن أن تطلبي منه السماح عن طريق بعض النساء من محارمه.
والله أعلم.