السؤال
من يرى أن الضيق لا يجوز، فهل تجوز مجالسة لابسه والذهاب إلى الأقارب الذين يلبسونه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال مجمل يحتمل عدة احتمالات وصور، ويختلف حكم بعض هذه الصور عن بعض، فلباس المرأة الضيق أمام الرجال الأجانب يختلف عن لباسها الضيق أمام النساء مثلا، ويختلف أيضا عن لباس الرجل الضيق، فبعض هذه المسائل يصح فيها الإنكار وبعضها لا يصح، لأنها من مسائل الاجتهاد، وكذلك بعضها محرم والبعض الآخر مكروه، ولكن حسبنا مع هذا الإجمال أن نذكر القاعدة العامة في المسائل التي لا ينكر فيها على المخالف، وهي المسائل الاجتهادية التي لا تخالف نصا أو قياسا جليا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قولهم: مسائل الخلاف لا إنكار فيها ـ ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم، أو العمل، أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة، أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة، أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار.. وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة، وإن كان قد اتبع بعض العلماء، وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهدا، أو مقلدا، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا، مثل حديث صحيح لا معارض من جنسه فيسوغ له ـ إذا عدم ذلك فيها ـ الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة، أو لخفاء الأدلة فيها، وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها، مثل كون الحامل المتوفى عنها تعتد بوضع الحمل، وأن الجماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل، وأن ربا الفضل والمتعة حرام، وأن النبيذ حرام، وأن السنة في الركوع الأخذ بالركب. انتهى.
وانظر في كراهة لبس الرجال للملابس الضيقة، الفتوى رقم: 57006.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 222994، 161855، 257407، 13914.
والله أعلم.